" صفحة رقم ٢٠١ "
ّ وأنّ الفقر والغنى من تقديري وقضائي. فلا أُكرم من أكرمته بالغنى وكثرة الدنيا، ولا أُهين من أهنته بالفقر وقلّة الدنيا، ولكني إنّما أكرم من أكرمته بطاعتي، وأُهين من أهنته بمعصيتي، وقال الفراء : معنى كلا لم ينبغِ له أن يكون هذا ولكن ينبغي أن يحمده على الأمرين على الغنى والفقر.
ثم قال :) بَل لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ( يعني أهنت من أهنت من أجل أنّه لا يُكرم اليتيم.
واختلف القرّاء في هذه الآية فقرأ أهل البصرة يكرمون وما بعده كلّه بالياء، وقرأها الآخرون بالتاء
الفجر :( ١٨ ) ولا تحاضون على.....
) وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ( قرأ أبو جعفر وأهل الكوفة ) تحاضّون ( بالألف وفتح التاء، وروى الشذري عن الكسائي ( تُحاضون ) بضم التاء، غيرهم ( تحضّون ) بغير الألف.
الفجر :( ١٩ ) وتأكلون التراث أكلا.....
) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ ( الميراث ) أَكْلا لَمّاً ( شديداً، قال الحسن : يأكل نصيبه ونصيب غيره. بكر بن عبدالله : اللّمّ الاعتداء في الميراث يأكل ميراثه وميراث غيره. ابن زيد : الأكل اللمّ الذي يأكل كلّ شيء يجده ولا يسأل عنه أحلال أم حرام، ويأكل الذي له والذي لغيره، وذلك أنّهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصبيان، وقرأ ) يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهنّ ( الآية قال أبو عبيدة يقال : لممّتُ ما على الخوان إذا أتيت على ما عليه وأكلته كلّه أجمع.
الفجر :( ٢٠ ) وتحبون المال حبا.....
) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً ( كثيراً يقال جمّ الماء في الحوض إذا كثر واجتمع.
الفجر :( ٢١ ) كلا إذا دكت.....
) كَلاَّ ( ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر ثمّ أخبر ممن تلهّفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم فقال عزّ من قائل :) إِذَا دُكَّتْ الاْرْضُ دَكّاً دَكّاً ( مرّة بعد مرّة فيكسر كلّ شيء على ظهرها.
الفجر :( ٢٢ ) وجاء ربك والملك.....
) وَجَاءَ رَبُّكَ ( قال الحسن : أمره وقضاؤه، وقال أهل الإشارة : ظهر قدرة ربّك وقد استوت الأُمور وأنّ الحقّ لا يوصف يتحوّل من مكان إلى مكان وأنّى له التجوّل والتنقّل ولا مكان له ولا أوان ولا تجري عليه وقت وزمان ؛ لأنّ في حرمان الوقت على الشيء فوت الأوقات، ومن فاته شيء فهو عاجز، والحقّ ينزّه أن تحوي صفاته الطبائع أو تحيط به الصدور.
) وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً }
الفجر :( ٢٣ ) وجيء يومئذ بجهنم.....
) وَجِيىءَ يَوْمَئِذ بِجَهَنَّم ( أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن ماجه قال : حدّثنا يعقوب بن يوسف القروي قال : حدّثنا القاسم بن الحكم قال : حدّثنا عبيدالله بن الوليد قال : حدّثنا عطية عن أبي سعيد قال : لمّا نزلت هذه الآية ) وجيء يومئذ بجهنّم ( تغيّر لون رسول الله ( ﷺ ) وعرق في وجهه حتى اشتدّ على أصحابه ما رأوا من حاله فانطلق بعضهم إلى عليّ ح فقالوا : يا علي لقد حدث أمر قد رأيناه في نبي الله ( ﷺ ) فجاء عليّ فاحتضنه من خلفه ثمّ قبَّل بين عاتقيه ثمّ قال : يا نبي الله بأبي أنت وأُمّي ما الذي حدث اليوم وما الذي غيّرك ؟ قال :( جاء جبريل ( عليه السلام ) فأقرأني هذه الآية :) كلاّ إذا دُكّت الأرض دكاً دكّا وجاء ربّك والملك صفّاً صفّا وجيء يومئذ بجهنّم ( قلت : فكيف يجاء بها