" صفحة رقم ٢٣٥ "
ثم أردفني خلفه، ثم سار بي مليّاً، ثم التفت اليّ فقال لي :( يا غلام )، قلت : لبيك يا رسول الله، قال :( احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدّة، وإذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد مضى القلم بما هو كائن، فلو جهد الخلائق أن ينفعوك بما لم يقضه الله لك، لما قدروا عليه، ولو جهدوا أن يضرّوك بما لم يكتبه الله عليك ما قدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل، فإنّ لم تستطع فاصبر، فإنّ في الصبر على ما يُكره خيراً كثيراً، واعلم أنّ مع الصبر النصر، وأنّ مع الكرب الفرج ) وإن مع العسر يسراً ( ).
وسمعت أبا القاسم الحسن بن محمد بن الحسن النيسابوري يقول : سمعت أبا علي محمد ابن عامر البغدادي يقول : سمعت عبدالعزيز بن يحيى يقول : سمعت عمي يقول : سمعت العتبي يقول : كنت ذات يوم في البادية بحالة من الغم فأُلقي في روعي بيت شعر فقلت :
أرى الموت لن أصبح ولاح
مغموماً له أروح
فلمّا جنّ الليل سمعت هاتفاً يهتف، من الهواء :
ألا يا أيّها المرءُ ال
ذي الهمُّ به برّح
وقد أنشد بيتاً لم
يزل في فكره يسنح
إذا اشتدّ بك العسر
ففكّرْ في ألمْ نشرح
فعسرٌ بين يسرين
إذا فكّرتها فافرح
قال : فحفظت الأبيات، وفرّج الله غمّي.
وأنشدنا أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدنا أبو محمد أحمد بن محمد بن إسحاق الجيزنجي قال : أنشدنا إسحاق بن بهلول القاضي :
فلا تيأسْ وإن أُعسرت يوماً
فقد أُيسرت في دهر طويلِ
ولا تظننّ بربك ظنّ سوء
فإنّ الله أولى بالجميل
فإنّ العسرَ يتبعه يسارٌ
وقول الله أصدق كلِّ قيل
وأنشدني أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدني محمد بن سليمان بن معاد الكرخي قال : أنشدنا أبو بكر الأنباري :
إذا بلغ العسر مجهوده
فثق عند ذاك بيسر سريع


الصفحة التالية
Icon