" صفحة رقم ٣٠٠ "
هذه القراءة ما أخبرنا الحسين بن فنجويه قال : حدّثنا ابن خنيس قال : حدّثنا أبو خديجة أحمد ابن داود قال : حدّثنا محمد بن حميد قال : حدّثنا مهران عن سفيان بن ليث عن شمر بن حوشب عن أسماء قالت : سمعت النبي ( ﷺ ) ( يقرأ ) :( إلفهم رحلة الشتاء والصيف ).
وروى الفضل بن شاذان بإسناده عن أبي جعفر، والوليد عن أهل الشام ( إلافهم ) مهموزة مختلسة بلا ياء، وروى محمد بن حبيب الحموي عن أبي يوسف الأعشى عن أبي بكر عن عاصم ( إلأفْهم ) بهمزتين الأُولى مكسورة والثانية ساكنة الباقون ( إيلافهم ).
وأخبرني سعيد بن المعافى، أخبرهم عن محمد بن جرير قال : حدّثنا أبو كرنب قال : حدّثنا وكيع عن أبي مكّي عن عكرمة أنه كان يقرأ ( إليالف قريش الفهم ).
وعدّ بعضهم السورتين واحدة منهم أُبيّ بن كعب ولافصل بينهما في مصحفه.
وقال سفيان بن عيينة : كان لنا امام لا يفصل بينهما ويقرأهما معاً، وقال عمرو بن ميمون الاودي صلّيت المغرب خلف عمر بن الخطاب ح فقرأ في الأُولى والتين والزيتون، وفي الثانية ألم تّر ولإيلاف قريش.
واختلفوا في العلّة الجالبة لهذه اللام فقال الفرّاء : هي متّصلة بالسورة الأُولى وذلك أنه ( تعالى ) ذكّر أهل مكّة عظيم نعمته عليهم في ما صنع بالحبشة، ثم قال :) لإِيلاَفِ قُرَيْش ( فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نعمةً منّا على قريش أي نعمتنا عليهم في رحلتهم الشتاء والصيف، فكأنّه قال : نعمةٌ إلى نعمة فتكون اللام بمعنى ( إلى ).
وقال الرازي والأخفش : هي لام التعجب يقول : عجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، وتركهم عبادة ربّ هذا البيت، ثم أمرهم بعبادته.
وهذا كما يقول في الكلام : لزيد وإكرامنا إيّاه، على وجه التعجب أي : أعجبُ لذلك، والعرب إذا جاءت بهذه اللام اكتفوا بها دليللا على التعجّب لإظهار الفعل فيه كقول الشاعر :
أغرَّكَ أن قالوا لقرة شاعرٌ
افياك أباه من عريف وشاعرٌ
أي أعجبوا لقرة شاعراً.
وقيل هي لام ( كي ) مجازها ) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْف مَأْكُول ( ليؤلف قريشاً، فكان هلاك أصحاب الفيل سبباً لبقاء إيلاف قريش، ونظام حالهم واقوام ما لهم، وقال الزجّاج : هي مردودة إلى ما بعدها، تقديرهُ : فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف رحلة الشتاء والصيف.


الصفحة التالية
Icon