" صفحة رقم ٥١ "
رسول الله ( ﷺ ) بمكّة فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف النهار جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم فوثب الراعي، فقال : يا عامر الوادي جارك، فنادى مناد لا نراه يقول : يا سرحان أرسله، فأتانا الحمل يشتدّ حتّى دخل الغنم، ولم يصبه كدمة، قال، وأنزل الله سبحانه على رسوله بمكة :) وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن ( ) فزادوهم رهقاً ( يعني :( إن الإنس زادوا الجن طُغياناً باستعاذتهم ) فزادتهم رهقاً.
قال ابن عباس : أثماً. معمر عن قتادة : خطيئة. سعيد عنه : جرأة. مجاهد : طغياناً. ربيع : فرقاً. ابن زيد : خوفاً. إبراهيم : عظمة، وذلك أنّهم قالوا :( سدنا ) الجن والإنس. مقاتل : غيّاً. الحسن : شرّاً. ثعلب : خساراً. والرهق في كلام العرب : الإثمّ وغشيان المحارم، ورجل مرهق : إذا كان كذلك. وقال الأعشى :
لا شيء ينفعني من دون رؤيتها
هل يشتفي وامق ما لم يصب رهقاً
الجن :( ٧ ) وأنهم ظنوا كما.....
) وأنّهم ظنّوا كما ظننتم ( يا معشر الكفّار من الإنس ) أن لن يبعث الله أحداً ( بعد موته
الجن :( ٨ ) وأنا لمسنا السماء.....
) وأنّا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرساً شديداً ( من الملائكة ) وشُهباً ( من النجوم
الجن :( ٩ ) وأنا كنا نقعد.....
) وأنّا كنّا نقعد منها ( من السماء ) مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً (
الجن :( ١٠ ) وأنا لا ندري.....
) وأنا لا ندري أشرّ أُريد بمن في الأرض ( برمي الشهب ) أم أراد بهم ربّهم رشداً (
الجن :( ١١ ) وأنا منا الصالحون.....
) وأنا منّا الصالحون ومنّا دون ذلك كنّا طرائق دداً ( أهواء مختلفة وفرقاً شتى، منّا المؤمن ومنّا الكافر.
قال سعيد بن جبير : ألواناً شتى. الحسن : قدداً مختلفين، الأخفش : ضروباً، أبو عبيدة : أصنافاً، المؤرّخ : أجناساً، النضر : مللا، ابن كيسان : شيعاً وفرقاً لكلّ فرقة هوى كأهواء الناس، وقال الفراء : تقول العرب : هؤلاء طريقة قومهم أي ساداتهم ورؤساؤهم، المسيّب : كنّا مسلمين ويهوداً ونصارى.
أخبرني ابن فنجويه، قال : حدّثنا محمد بن عمرو بن الخطاب، قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن نحتويه، قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم الصوري بأنطاكية، قال : حدّثنا محمد بن المتوكل بن أبي السراي، قال : حدّثنا المطلب بن زياد، قال : سمعت السدي يقول في قول الله سبحانه :) كنّا طرائق قدداً (، قال : الجن مثلكم فيهم قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة.
واحد القدد : قدة، وهي الفرقة وأصلها من القدّ وهو القطع. قال لبيد يرثي أخاه أربد :
لم تبلغ العين كل نهمتها
ليلة تمشي الجياد كالقدد