" صفحة رقم ٧٦ "
قال قطرب من قرأ ) والليل إذ أدبر ( : يريد أقبل، من قول العرب دبر فلان أي جاء خلفي، فكأنّه دبر خلف النهار. قال أبو الضحى : كان ابن عباس يعيب على من يقرأ دبر ويقول : إنما يدبّر ظهر البعير، وقال الفراء : هما لغتان دبّر وأدبر. قال الشاعر :
صدعت غزالة قلبه بفوارس
تركت مسامعه كأمس الدابر
وقال أبو عمرو : دبّر لغة قريش.
) والصبح إذا أسفر ( قرأه العامة بالألف أي أضاء وأقبل، وقرأ ابن السميع وعيسى ابن الفضل سفر بغير ألف، وهما لغتان يقال : سفر وجه فلان وأسفر، إذا أضاء، ويجوز أن يكون من قولهم : سفرت المرأة إذا ألقت خمارها عن وجهها، ويحتمل أن يكون معناه نفي الظلام كما سفر البيت أي يكنس ويقال للمكنسة المسفرة.
المدثر :( ٣٥ ) إنها لإحدى الكبر
) إنها لأحدى الكُبر ( يعني أن سفر لإحدى الأمور العظام وواحد الكبر كُبرى :
المدثر :( ٣٦ ) نذيرا للبشر
) نذيراً للبشر ( يعني أنّ النار نذير للبشر قال الحسن : والله ما أنذر الله بشيء أدهى منها، وهو نصب على القطع من قوله :) لأحدى الكبر ( ؛ لأنها معرفة ونذيراً نكرة.
قال الخليل : النذير مصدر كالنكير، فلذلك وصف به المؤنث، وقيل : هو من صفة الله سبحانه مجازه : وما جعلنا أصحاب النار إلاّ ملائكة، نذيراً للبشر أي إنذاراً لهم. قال أبو رزين : أنا لكم منها نذير فاتقوها، وقيل : هو صفة محمد ( عليه السلام )، ومعنى الكلام : يا أيّها المدثر قم نذيراً للبشر فأنذر، وهو معنى قول ابن زيد، وقرأ إبراهيم عن أبي غيلة نذير للبشر بالرفع على إضمار هو.
المدثر :( ٣٧ ) لمن شاء منكم.....
) لمن شاء منكم أن يتقدّم ( في الخير والطاعة ) أو يتأخر ( عنها في الشر والمعصية نظيره ودليله ) ولقد علمنا المستقدمين منكم ( يعني في الخير ) ولقد علمنا المستأخرين ( عنه قاله الحسن، وهذا وعيد لهم كقوله :) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ( يعني أنّه نذير لهما جميعاً.
المدثر :( ٣٨ ) كل نفس بما.....
) كلّ نفس بما كسبت رهينة ( مرتهنة بكسبها مأخوذة بعملها.
المدثر :( ٣٩ ) إلا أصحاب اليمين
) إلاّ أصحاب اليمين ( فإنهم لا يحاسبون ولا يرتهنون بذنوبهم ولكن يغفرها الله لهم ويتجاوزها عنهم كما وعدهم. قال قتادة : غلق الناس كلّهم إلاّ أصحاب اليمين واختلفوا فيهم.
فأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن ( شنبه ) قال : حدّثنا رضوان بن أحمد قال : حدّثنا أحمد بن عبدالجبار قال : حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي اليقظان عن زاذان عن علي في قوله :) إلاّ أصحب اليمين ( قال : هم أطفال المسلمين