" صفحة رقم ١٠٦ "
الفاسقون (، وقرأ أبو عمرو : يبغون بالياء وترجعون بالتاء، قال : لأن الأول خاص والثاني عام ؛ ففرّق بينهما لافتراقهما في المعنى، وقرأ الباقون : بالتاء فيهما على الخطاب لقوله :) لما آتيتكم من كتاب وحكمة ( ) وله أسلم ( خضع وانقاد من في السماوات والأرض ) طوعاً ( والطوع الانقياد والاتباع بسهولة من قولهم : فرسٌ طوع العنان، أي منقاد ) وكرهاً ( والكره : ما كان بمشقة وإباء من النفس، كرهاً بضم الكاف وهما مصدران وضعا موضع الحال، كأنّه قال : وله أسلم من في السماوات والأرض طائعين وكارهين، واختلفوا في قوله طوعاً وكرهاً، فروى أنس بن مالك عن رسول الله ( ﷺ ) في قوله :) وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً ( قال :( الملائكة أطاعوه في السماء، والأنصار وعبد القيس أطاعوه في الأرض ).
وقال النبي ( ﷺ ) ( لا تسبّوا أصحابي فإنّ أصحابي أسلموا من خوف الله، وأسلم الناس من خوف السيف ).
وقال الحسن والمفضّل : الطوع لأهل السماوات خاصة، وأهل الأرض منهم من أسلم طوعاً ومنهم من أسلم كرهاً.
ابن عباس : عبادتهم لله أجمعين طوعاً وكرهاً وانقياداً له.
الربيع عن أبي العالية في قول الله تعالى :) وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً ( قال : كل بني آدم أقرّ على نفسه أنّ الله ربّي وأنا عبده، فهذا الإسلام لو استقام عليه، فلمّا تكلّم به صار حجة عليه، ثم أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرهاً، ومنهم من شهد أنّ الله ربّي وأنا عبده، ثم أخلص العبودية فهذا الذي أسلم طوعاً، وقال الضحّاك : هذا حين أخذ منه الميثاق وأقرّ به.
مجاهد : طوعاً : ظل المؤمن وكرهاً : ظل الكافر، يدلّ عليه قوله :) ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدوّ والآصال (، وقوله :) يتفيّؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً لله (.
الشعبي : هو استعاذتهم به عند اضطرارهم، يدلّ عليه قوله تعالى :) فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين (.


الصفحة التالية
Icon