" صفحة رقم ١١٠ "
) حتى تنفقوا مما تحبّون ( : أي مما تهوون ويعجبكم من كرائم أموالكم وأحبّها إليكم طيّبة بها أنفسكم، صغيرة في أعينكم.
مجاهد والكلبي : هذه الآية منسوخة، نسختها آية الزكاة.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال : أراد بهذه الآية الزكاة يعني : حتى تخرجوا زكاة أموالكم، وقال عطاء : لن تنالوا شرف الدين والتقوى حتى تتصدقوا وأنتم أصحّاء أشحّاء، تأملون العيش، وتخشون الفقر، وقال الحسن : كل شيء أنفقه المسلم من ماله يبتغي به وجه الله تعالى فإنّه من الذي عنى الله سبحانه بقوله :) لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبّون ( حتى التمرة.
وروي أنّ أبا طلحة الأنصاري كان من أكثر الأنصار نخلا بالمدينة، وكان أحب أمواله إليه بئر ماء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي ( ﷺ ) يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلمّا نزلت ) لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبّون ( قام أبو طلحة فقال : يا رسول الله إنّ الله يقول :) لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا ممّا تحبّون ( وإنّ أحبّ أموالي إليّ بئر ماء وإنّها صدقة أرجو برّها وذخرها عند الله عز وجل، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله ( ﷺ ) ( بخ بخ، ذلك مال رابح لك وقد عرفت ما قلت، وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين ).
فقال له : أفعل يا رسول الله، فقسّمها في أقاربه وبني عمّه.
وروى معمّر عن أيوب وغيره قال : لما نزلت :) لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبّون ( جاء زيد بن حارثة بفرس كانت له يحبّها وقال : هذه في سبيل الله، فحمل عليها النبي ( ﷺ ) أسامة بن زيد. فكان زيداً واجداً في نفسه وقال : إنّما أردت أن أتصدق به، فقال رسول الله ( ﷺ ) ( أما إنّ الله قد قبلها منك ).
وقال حوشب : لمّا نزلت ) لن تنالوا البرّ ( قالت امرأة لجارية لها لا تملك غيرها : أعتقك وتقيمين معي غير أنّي لست أشرط عليك ذلك، فقالت : نعم، فلمّا أعتقتها ذهبت وتركتها فأتت النبي ( ﷺ ) فأخبرته به فقال النبي ( ﷺ ) ( دعيها فقد حجبتك عن النار، وإذا سمعت بسبيي قد جاءني فأتيني ) ( ٨٠ ).
وروى شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قالوا : كتب عمر بن الخطّاب ( رضي الله عنه ) أن يبتاع جارية من سبي جلولاء يوم فتحت مدائن كسرى، فقال سعد بن أبي وقاص : فدعا بها


الصفحة التالية
Icon