" صفحة رقم ١١٣ "
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : أقبل يعقوب ( عليه السلام ) من حران يريد بيت المقدس حين هرب من أخيه عيص وكان رجلا بطّيشاً قوياً، فلقيه ملك فظنّ ( يعقوب ) أنّه لصّ فعالجه أن يصرعه فغمز الملك فخذ يعقوب ثم صعد إلى السماء ويعقوب ينظر إليه، فهاج به عرق النساء ولقي من ذلك بلاء شديداً وكان لا ينام بالليل من الوجع ( ويبيت ) وله زقاء أي صياح، فحلف يعقوب ( عليه السلام ) لئن شفاه الله أن لا يأكل عرقاً ولا طعاماً فيه عرق، فحرّمها على نفسه فجعل بنوه يبتغون العروق يخرجونها من اللحم، وقال أبو العالية وعطاء ومقاتل والكلبي : كان ذلك لحمان الإبل وألبانها.
وروى شهر بن حوشب عن ابن عباس أن عصابة حضرت رسول الله ( ﷺ ) فقالوا : يا أبا القاسم أخبرنا أي الطعام حرّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ؟
فقال رسول الله ( ﷺ ) ( أشهدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أنّ يعقوب مرض مرضاً شديداً فطال سقمه عليه، فنذر لله لئن عافاه الله من سقمه ليحرّمن أحبّ الطعام والشراب إلى نفسه، وكان أحبّ الطعام إليه لحمان الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها ) فقالوا : اللهم نعم.
وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : لما أصاب يعقوب عرق النساء ووصف له الأطباء أن يجتنب لحوم الإبل، فحرّم يعقوب على نفسه لحوم الإبل، فقالت اليهود : إنّا حرّمنا على أنفسنا لحوم الإبل ؛ لأنّ يعقوب حرّمها وأنزل الله تحريمها في التوراة فأنزل الله هذه الآية.
وقال الحسن : حرّم إسرائيل على نفسه لحوم الجزور تعبداً لله عز وجل فسأل ربّه عز وجل أن يجيز له ذلك، فحرّمه الله على ولده، وقال عكرمة : حرّم إسرائيل على نفسه زائدة الكبد والكليتين والشحم إلاّ ما على الظهور، وروى ليث عن مجاهد قال : حرّم إسرائيل على نفسه لحوم الأنعام ثم اختلفوا في هذا الطعام المحرّم على إسرائيل بعد نزول التوراة، وقال السدي : إنّ الله لما أنزل التوراة حرّم عليهم ما كانوا يحرّمونها قبل نزولها اقتداءً بأبيهم يعقوب ( عليه السلام )، وقال عطية : إنّما كان ذلك حراماً عليهم لتحريم إسرائيل ذلك عليهم وذلك أنّ إسرائيل قال حين أصابه عرق النساء : والله لئن عافاني الله منه لا يأكله لي ولد، ولم يكن ذلك محرّماً عليهم في التوراة.
وقال الكلبي : لم يحرّمه الله عليهم في التوراة وإنّما حرّم عليهم بعد التوراة لظلمهم وكفرهم، وكان بنو إسرائيل كلما أصابوا ذنباً عظيماً حرّم الله عليهم طعاماً طيباً، أو صبّ عليهم