" صفحة رقم ١١٩ "
بميعاد رسول الله ( ﷺ ) فشهد معنا العقبة وكان تقياً، فبتنا تلك الليلة في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا لميعاد رسول الله ( ﷺ ) فنتسلّل مستخفين تسلل القطا، حتى إذا اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلا، ومعنا امرأتان من نسائنا : نسيبة بنت كعب أم عمارة احدى نساء بني النجّار، وأسماء بنت عمرو بن عدي إحدى نساء بني سلمة وهي أمّ منيع، واجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله ( ﷺ ) حتى جاء ومعه عمّه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلاّ أنّه أحبّ أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثّق له فلمّا جلسنا كان أول من تكلم العباس بن عبد المطلب فقال : يا معشر الخزرج وكانت العرب إنما يسمّون هذا الحي من الأنصار : الخزرج ؛ خزرجها وأوسها إنّ محمداً منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا، وهو في عزّ من قومه ومنعة في بلده وإنه قد أبى إلاّ الانقطاع لكم واللحوق بكم.
فإن كنتم ترون أنكم وافون له ما دعوتموه إليه و ( مانعوه ) ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنّكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج إليكم، فمن الآن دعوه فإنّه في عز ومنعة.
قال : فقلنا : سمعاً ما قلت، فتكلم يا رسول الله، وخذ لنفسك ولربك ما شئت.
قال : فتكلم رسول الله ( ﷺ ) فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغّب في الإسلام وقال :( أبايعكم على أن تمنعوني عمّا تمنعون منه نساءكم ).
قال : فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : والذي بعثك بالحق، لنمنعك مما نمنع منه أزرنا، فَبَايِعْنَا يا رسول الله، فنحن أهل الحرب وأهل الحلقة ( وإنّا ) ورثناها كابراً عن كابر.
قال : فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله ( ﷺ ) أبو الهيثم بن التيهان فقال : يا رسول الله، إن بيننا وبين الناس حبالا يعني اليهود وإنا قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك ( الله ) أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ فتبسم رسول الله ( ﷺ ) ثم قال :( بل الدم الدم، والهدم الهدم وأنتم مني وأنا منكم أُحارب من حاربتم وأُسالم من سالمتم ).
وقال رسول الله ( ﷺ ) ( أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيباً كفلاء على قومهم بما فيهم، ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم عليه السلام )، فأخرجوا اثني عشر نقيباً : تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس ).
قال عاصم بن عمر بن قتادة : إن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله ( ﷺ ) قال العباس بن


الصفحة التالية
Icon