" صفحة رقم ١٣٦ "
وكان بعضهم مع بعض ) عضوا عليكم الأنامل ( يعني أطراف الأصابع، واحدتها أنمَلة وأنمُلة بضم الميم وفتحها ) من الغيظ ( والحنق ؛ لما يرون من ائتلاف المؤمنين واجتماع كلمتهم وصلاح ذات بينهم. وهذا من مجاز الأمثال وإن لم يكن ثم عضّ، قال الشاعر :
إذا رأوني أطال الله غيظهم
عضوا من الغيظ أطراف الأباهيم
وقال أبو طالب :
وقد صالحوا قوماً علينا أشحّة
يعضّون غيضاً خلفنا بالأنامل
قال الله تعالى :) قل موتوا بغيضكم (، إن قيل : كيف لا يموتون والله تعالى إذا قال لشيء كن فيكون ؟
فالجواب : أن المراد ابقوا بغيضكم إلى الممات فإن مناكم عن الاسعاف محجوبة.
وقال محمد بن جرير : خرج هذا الكلام مخرج الأمر وهو دعاء أمر الله تعالى نبيه ( ﷺ ) أنه يدعو عليهم بالهلاك كمداً ممّا بهم من الغيظ، قل يا محمد : اهلكوا بغيظكم :) إن الله عليم بذات الصدور ( بما في القلوب من خير وشر. روى عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال : ذكر أصحاب الأهواء فقال والذي نفسي بيده لئن تمتلئ داري قردة وخنازير أحب إليّ من أن يجاورني رجل منهم. يعني صاحب هوىً، ولقد دخلوا في هذه الآية :) ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم ( الآية.
آل عمران :( ١٢٠ ) إن تمسسكم حسنة.....
) إن تمسسكم (، قرأ السلمي بالياء. الباقون بالتاء. يعني : إن تصبكم أيها المؤمنون ) حسنة ( بظفركم على عدوكم وغنيمة تنالونها منهم وتتابع من الناس في الدخول في دينكم وخفض في معاشكم ) تسؤهم ( : تحزنهم ) وإن تصبكم سيئة ( مساءة بإخفاق سريّة لكم، أو إصابة عدوّ فيكم أو اختلاف يكون منكم، أو حدث ونكبة ) يفرحوا بها وإن تصبروا على أذاهم وتتقوا ( وتخافوا ربّكم ) لا يضركم ( : لا ينقصكم ) كيدهم ( شيئاً.
واختلفت القراءة فيه ؛ فقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب :) لا يضركم ( بكسر الضاد ( وراء ) خفيفة واختاره أبو حاتم، يقال : ضار يضير ضيراً مثل باع يبيع بيعاً، ودليله في القرآن :) لا ضير (. وهو جزم على جواب الجزاء.