" صفحة رقم ١٣٨ "
فأُعجب رسول الله بهذا الرأي.
وقال بعض أصحابه : يا رسول الله أُخرج بنا إلى هذه الأكلب لا يرون إنا جبنّا عنهم وضعفنا. فأتى النعمان بن مالك الأنصاري فقال : يا رسول الله لا تحرمني الجنة فوالذي بعثك بالحق لأدخلنّ الجنة. فقال :( بما ؟ ). فقال : بأني أشهد أن لا إلاه إلاّ الله، وأني لا أفر من الزحف، قال :( صدقت ). فقتل يومئذ، فقال رسول الله ( ﷺ ) ( قد رأيت في منامي بقراً فأَوَّلتها خيراً، ورأيت في ذباب سيفي ثلماً فأَوَّلتها هزيمة ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأَوَّلتها المدينة ؛ فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم ؛ فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا المدينة علينا قاتلناهم فيها ).
وكان رسول الله ( ﷺ ) يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة ( فيقاتل ) في الأزقة فقال رجال من المسلمين ممن كان ذا سهم يوم بدر، وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد : اخرج بنا إلى أعدائنا. فلم يزالوا برسول الله من حبهم للقاء القوم حتى دخل رسول الله ( ﷺ )، فلبس لامته فلما رأوه لبس السلاح ندموا وقالوا : بئسما صنعنا نشير على رسول الله ( ﷺ ) والوحي يأتيه ؟ فقاموا واعتذروا إليه وقالوا : اصنع ما رأيت. فقال ( ﷺ ) ( ( إنه ليس لنبي ) أن يلبس ( لامته ) أن يضعها حتى يقاتل ).
وكان قد أقام المشركون بأُحد يوم الأربعاء والخميس، فراح رسول الله ( ﷺ ) بعد يوم الجمعة بعدما صلّى بأصحابه الجمعة، وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار فصلّى عليه رسول الله ( ﷺ ) ثم خرج إليهم فأصبح بالشعب من أُحد يوم السبت النصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان من أمر حرب أُحد ما كان، فذلك قوله :) وإذ غدوت من أهلك تبوّئ المؤمنين (، قرأ يحيى بن ثاب :( تبوي ) المؤمنين خفيفة غير مهموزة من ( أبوى يبوي ) مثل ( أروى يروي ). وقرأ الباقون : مهموزة مشددة يقال : بوأت تبوئة، وأبويتهم إبواء، إذا أوطنتهم، وتبوّأوا إذا تواطنوا، قال الله تعالى ) أن تبوّأا لقومكما بمصر بيوتاً (، وقال ) والذين تبوّأوا الدار والإيمان من قبلهم (