" صفحة رقم ١٤٢ "
آلاف، ثم صاروا خمسة آلاف. يدل عليه قوله :) إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم (، الآية،
آل عمران :( ١٢٥ ) بلى إن تصبروا.....
وقوله :) بلى إن تصبروا وتتقوا ( إلى قوله ) مسوّمين (، فصبر المؤمنون يوم بدر، واتّقوا الله فأمدّهم الله بخمسة آلاف من الملائكة على ما وعدهم، فهذا كله يوم بدر. الحسن : فهؤلاء الخمسة آلاف رد للمؤمنين إلى يوم القيامة. وقال ابن عباس ومجاهد : لم تقاتل الملائكة إلاّ يوم بدر وفيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون إنما يكونون عدداً ومدداً. وقال عمر بن أبي إسحاق : لما كان يوم أُحد انجلى عن رسول الله ( ﷺ )، وبقي سعد بن مالك يرمي، وفتىً شاب ينبل له فلمّا فني النبل أتاه به فنثره فقال : ارمِ أبا إسحاق، ارمِ أبا اسحاق كرتين فلما انجلت المعركة سئل عن الرجل فلم يعرف.
وقال الشعبي : بلغ رسول الله ( ﷺ ) والمسلمين يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمدّ المشركين، فشق ذلك عليهم فأنزل الله تعالى ) ألن يكفيكم ( إلى قوله ) مسوّمين (، فلما بلغ الكرز الهزيمة فرجع ولم يأتهم ولم يمدّهم أمدّهم الله أيضاً بخمسة آلاف، وكانوا قد أمدوا بألف.
وقال آخرون : إنما وعد الله تعالى المسلمين يوم بدر إن صبروا على طاعته فاتقوا محارمه أن يمدّهم في حروبهم كلها فلم يصبروا ولم يتقوا إلاّ في يوم الأحزاب فأمدهم الله تعالى حتى حاصروا قريظة. قال عبد الله بن أوفى : كنا محاصري بني قريظة والنضير ما شاء الله أن نحاصرهم فلم يفتح علينا فرجعنا، فدعا رسول الله ( ﷺ ) بغسل، فهو يغسل رأسه إذ جاءه جبرئيل ( عليه السلام ) فقال :( يا محمد، وضعتم أسلحتكم ولم تضع الملائكة أوزارها ؟ ). فدعا رسول الله ( ﷺ ) بخرقة فلف بها رأسه ولم يغسله ثمّ نادى فينا فقمنا كالّين متعبين لا نعبأ بالسير شيئاً حتى أتينا بني قريظة والنضير، فيومئذ أمدنا الله تعالى بثلاثة آلاف من الملائكة، ففتح الله لنا فتحاً يسيراً وانقلبنا بنعمة الله وفضل.
وقال قوم : إنما كان هذا يوم أحد، وعدهم الله عز وجل المدد إن صبروا، فلم يصبروا ؛ فلم يُمدوا ولا بملك واحد ( و ) لو أُمدّوا لما هزموا. وهو قول عكرمة والضحاك. وكان هذا يوم أُحد حين انصرف أبو سفيان وأصحابه ؛ وذلك أنّ رسول الله ( ﷺ ) كان يخاف أن يدخل المشركون المدينة، فبعث علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) فقال :( اخرج على آثار القوم فانظر ما يصنعون وما يريدون، فإن كانوا قد أجبنوا الخيل وركبوا وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة، فوالذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرنّ إليهم فيها ثم لأُناجزنهم )


الصفحة التالية
Icon