" صفحة رقم ١٥ "
َ من عند ربنا ( ت ) والراسخون ( أبتداء وخبره في يقولون، وهذا قول عائشة وعروة بن الزبير، ورواية طاوس عن ابن عباس، واختيار الكسائي والفراء والمفضَّل بن سلَّمة ومحمد بن جرير قالوا : إنَّ الراسخين لا يعلمون تأويله، ولكنهم يؤمنون به. والآية راجعة على هذا التأويل إلى العلم بما في أجَلَ هذه الأمة ووقت قيام الساعة، وفناء الدنيا، ووقت طلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ( عليه السلام )، وخروج الدجال، ويأجوج ومأجوج، وعلم الروح ونحوها مما إستأثر اللّه لعلمه ولم يطلع عليه أحد من خلقه.
وقال بعضهم :( إعلم أنّ المتشابه من الكتاب قد ) أستأثر اللّه بعلمه دوننا، ونفسّره نحنُ، ولم نتعبد بذلك. بل ألزمنا العمل بأوامره وإجتناب نواهيه، ومما يصدَّق هذا القول قراءة عبد اللّه أنَّ تأويلهُ لا يُعلم إلاّ عند اللّه، والراسخون في العلم يقولون آمنا به.
وفي حرف ( ) الراسخون في العلم آمنَّا به.
ودليله أيضاً ما روَّي عن عمر بن عبد العزيز، إنَّه قرأ هذه الآية ثم قال : انتهى علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا :) آمنا به كلَّ من عند ربَّنا (.
وقال أبو نهيك الأسدي : إنَّكم تصلون هذه الآية وإنَّها مقطوعة وهذا القول أقيس العربَّية وأشبه مظاهر الآية والقصة واللّه أعلم.
والراسخون : الداخلون في العلم الذين أتقنوا علمهم، واستنبطوه فلا يدخلهم في معرفتهم شك، وأصله من رسوخ الشيء في الشيء وهو ثبوته وأوجب فيه يُقال :( رسخ الإيمان في القلب فلان ) فهو يرسخ رسخاً ورسوخاً وكذلك في كل شيء ورسخ رصخ، وهذا كما يُقال : مسلوخ ومصلوخ قال الشاعر :
لقد رسخت في القلبِ منك مودة
للنبي أبتْ آياتها أن تغيرا
وقال بعض المفسّرين من العلماء : الراسخون علماً : مؤمني أهل الكتاب، مثل عبد اللّه بن سلام و ( ابن صوريا وكعب ).
( قيل :) الراسخون في العلم هم بعض الدارسين علم التوراة.
وروي عن أنس بن مالك ( وأبي الدرداء وأبي أمامة ) : أن رسول اللّه ( ﷺ ) سُئل مَن


الصفحة التالية
Icon