" صفحة رقم ٢٠ "
وصفته، وأنَّه لا تردُّ له راية، وأرادوا تصديقه واتَّباعه، ثم قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى إلى وقفة أخرى به، فلمَّا كان يوم أُحدْ ونكب أصحاب رسول اللّه ( ﷺ ) شكَّوا وقالوا : لا واللّه ما هو به فغلبَ عليهم الشقاء ولم يسلموا، وقد كان بينهم وبين رسول اللّه ( ﷺ ) عهدُ إلى مدة لم تنقضِ فنقضوا ذلك العهد من أجله.
وإنطلق كعب بن الإشرف في ستين راكباً إلى أهل مكَّة، أبي سفيان واصحابه، فوافقوهم وأجمعوا أمرهم على رسول اللّه ( ﷺ ) لتكون كلمتنا واحدة، ثم رجعوا إلى المدينة، فأنزل اللّه فيهم هذه الآية.
وقال محمد بن إسحاق عن رجاله لمَّا أصاب رسول اللّه ( ﷺ ) قريشاً ببدر، وقدِم إلى المدينة جمع اليهود في سوق قينقاع فقال :( يا معشر اليهود إحذروا من اللّه مثل ما نزل بقريش يوم بدر وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم قد عرفتم إنَّي نبي مرسل تجدونَ ذلك في كتابكم وعهدَ اللّه إليكم ).
فقالوا : يا محمَّد لا يغرنَّك أن لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب فأصبت فيهم فرصة، لك واللّه لو قاتلناك لعرف منا البأس، فأنزل اللّه تعالى ) قل للَّذين كفروا ( : يعني اليهود ستغلبون وتهزمون وتحشرون إلى جهنَّم في الآخرة، وهذه رواية عكرمة، وسعيد بن جبير عن أبن عباس.
قال : أهل اللغة إشتقاق جهنَّم من الجهنام وهي البئر البعيدة القعر.
) وبئس المهاد ( يعني النار
آل عمران :( ١٣ ) قد كان لكم.....
) قد كان ( ولم يقل كانت ؛ لأنّ ( آية ) تأنيهثا غير حقيقي، وقيل : ردّها ) إلى البيان أي : قد كان لكم بيان فذهبَ إلى المعنى وترك اللفظ كقول أمرؤ القيس :
برهرهة رأدة رخصة
كخر عوبة البانة المنقطر
ولم يقل المنفطرة ؛ لأنَّه ذهب إلى القضيب، وقال الفراء : ذكَّره ؛ لأنَّه فرق بينهما بالصفة فلما حالت الصفة بين الفعل والاسم المؤنث ذكَّر الفعل وأنَّثه :
إنَّ أمرؤاً غرَّه منكره واحدة بعدي
وبعدك في الدنيا لمغرورُ
وكل ما جاء في القرآن من هذا النحو، فهذا وجهه، فمعنى الآية ) قد كان لكم آية ( : أي عبرة ودلالة على صدق ما أقول لكم ستغلبون.


الصفحة التالية
Icon