" صفحة رقم ٢٠١ "
إخوانكم يوم أُحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تزور أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتسرح من الجنة حيث شاءت، وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش، فلمّا وجدوا طيب مقيلهم ومطعمهم ومشربهم، ورأوا ما أعد الله تعالى لهم من الكرامة.
قالوا : يا ليت قومنا يعلمون ما نحن فيه من النعيم وما صنع الله بنا، كي يرغبوا في الجهاد ولا ينكلوا عنه، فقال الله تعالى : أنا مخبر عنكم ومبلغ إخوانكم، ففرحوا بذلك واستبشروا فأنزل الله تعالى ) ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً ( إلى قوله ) أجر المؤمنين ( ).
قال قتادة والربيع : ذُكر لنا أنّ رجلا من أصحاب النبي ( ﷺ ) قال : يا ليتنا نعلم ما فعل بإخواننا الذين قتلوا يوم أُحد، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مسروق : سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية فقال : جعل الله عزّ وجلّ أرواح شهداء أُحد في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، قال : فأطلع الله تعالى عليهم اطلاعة فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه ؟ قالوا : ربّنا ألسنا نسرح في الجنة في أيّها شئنا، ثم اطلع عليهم الثانية فقال : هل تشتهون من شيء فأزيدكموه ؟ فقالوا : ربّنا أليس فوق ما أعطيتنا شيئاً إلاّ أن نحب أن تعيدنا أحياء، ونرجع إلى الدنيا فنقاتل في سبيلك فنقتل مرة أخرى فيك قال : لا. فقالوا : فتقرىء نبيّنا منّا السلام وتخبره بأن قد رضينا ورضي عنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال جابر بن عبد الله : قتل أبي يوم أُحد وترك عليَّ بنات فقال رسول الله ( ﷺ ) ( ألاّ أُبشرك يا جابر ) قلت : بلى يا نبي الله قال :( إنّ أباك حيث أُصيب بأُحد أحياه الله وكلمه كلاماً فقال : يا عبد الله سلني ما شئت قال : أسألك أن تعيدني إلى الدنيا فأُقتل فيك ثانياً، فقال : يا عبد الله إني قضيت أن لا أعيد خليقة إلى الدنيا. قال : يا ربِّ فمن يبلّغ قومي ما أنا فيه من الكرامة. قال الله تعالى : أنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية ).
حميد عن أنس قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرّها أن ترجع إلى الدنيا ولها الدنيا وما فيها إلاّ الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فيتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أُخرى ).
وقال بعضهم : نزلت في شهداء بئر معونة، وكان سبب ذلك على ما روى محمد بن


الصفحة التالية
Icon