" صفحة رقم ٣٣ "
اللَّه والمؤمنين إلا قرار كقوله :) قالوا شهدَّنا على أنفسنا ( أي أقررنا فنسق شهادة الملائكة، ) وأولوا العلم ( على شهادة اللَّه تعالى.
والشهادتان مختلفتان معنى لا لفظاً كقوله عزَّ وجل :) إنَّ اللَّه وملائكتهُ يصلَّون على النبي يا آيها الذَّين آمنوا صلَّوا عليه ( والصلاة من اللَّه ( الرحمة ) ومن الملائكة ( الاستغفار والدعاء )، وأولوا العلم : يعني الانبياء ( عليهم السلام ).
وقال ابن كيسان : يعني المهاجرين والأنصَّار.
مقاتل : مؤمني أهل الكتاب، عبد اللَّه بن سلام : وأصحابه : نظيره قوله :) إنَّ الذَّين أوتوا العلم (، وقوله :) ومَنْ عندهُ علم الكتاب (.
وقال السدي والكلبي : يعني علماء المؤمنين كلهم. فقرّب اللَّه تعالى شهادة العلماء بشهادته ؛ لأن العلم صفة اللَّه العليا ونعمته العظمى. والعلماء أعلام الإسلام والسابقون إلى دار السلام وسرج الامكنة وحجج الأزمنة.
وروى صفوان عن سُليم عن جابر بن عبد اللَّه، قال : قال رسول اللَّه ( ﷺ ) ( ساعة من عالم متّكئ على فراشهِ ينظر في علمهِ خير من عبادة العابد سعبين عاماً ).
المسيب بن شريك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك، قال : قال رسول اللَّه ( ﷺ ) ( تعلَّموا العلم ؛ فإنَّ تعلَّمهُ للَّهِ حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنهُ جهاد ؛ وتعليمهُ من لا يعلمهُ صدقة، وتذكره لأهله قربة ؛ لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل الجنة والنار، والأنيس في الوحشة والصاحب في الغربة، والميراث في الخلوة، والدليل على السرَّاء والضرَّاء، والسلاح على الأعداء، والقرب عند الغرباء، يرفع اللَّه به أقواماً ويجعلهم في الخير قادةً يُقتدى بهم، ويُبيّن اثارهم، ويرموا أعمالهم، ويُنهى إلى رأيهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلواتهم تستغفر لهم، وكل رطب ويابس يستغفر لهم حتى حيتان البحر وسباع الأرض وأنعامها والسماء ونجومها، ألا فإن العلم خير أنقاب عن الصمى، ونور الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الأحرار، ومجالس الملوك، والفكرُ فيه يُعدل بالصيام ومدارسته بالقيام، به يُعرف الحلال والحرام، وبه توصَّل الأرحام، إمام العمل والعقل تابعهُ، يُلهم السعد أو يُحرم إذا شقى )


الصفحة التالية
Icon