" صفحة رقم ٣٣٢ "
البلاد باقية كما هي إلاّ أن أحوالها وأحوال أهلِها تنكرت وتغيرت.
وقالت الحكماء : كما إن الجلد يلي قبل البعث فأنشىء كذلك تبدل ( ورجع ).
وقال :( السدّيّ ) : إنما تبدل الجلود جلوداً غيرها من لحم الكافر، يعيد الجلد لحماً ويخرج من اللحم جلداً آخر لم يبدّل بجلد لم يعمل خطيئة.
وقيل : أراد بالجلود سرابيلهم من قطران سمّيت بها للزومها جلودِهم على ( المجاورة ) كما يقال للشيء ( الخاص ) بالانسان هو جلدة مابين ( عضمه ) ووجهه فكلما احترقت السرابيل عذّب. قال الشاعر :
كسا اللؤم تيماً خضرة في جلودها
فويل لتيم من سرابيلها الخضر
فكنّى عن جلودهم بالسرابيل.
قال عبد العزيز بن يحيى : إن الله تعالى أبدل أهل النار جلوداً لاتألم ويكون ( رماده ) عذاب عليهم فكلّما أُحرق جلدهم أبدلهم الله تعالى جلداً غيره.
يكون هذا عذاباً عليهم كما قال :) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَان ( فتكون السرابيل تؤلمهم ولا يألم.
النساء :( ٥٧ ) والذين آمنوا وعملوا.....
) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ( إلى قوله ) ظِلاّ ظَلِيلا (.
كثيف لا يسخنه الشمس.
النساء :( ٥٨ ) إن الله يأمركم.....
) إنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلَى أهْلِهَا (. نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار وكان سادن الكعبة، فلما دخل النبي ( ﷺ ) مكة يوم الفتح، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح فطلب رسول الله ( ﷺ ) المفتاح، فقيل : إنّه مع عثمان، فطلب منه علي ( رضي الله عنه ) فأجاب : لو علمت إنه رسول الله لم أمنعه المفتاح، فلوى عليّ بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) يده، فأخذ منه المفتاح وفتح الباب، ودخل رسول الله ( ﷺ ) وصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح وجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمر رسول الله ( ﷺ ) علياً أن يردّ المفتاح إلى عثمان، فأوعز إليه ففعل ذلك علي ( رضي الله عنه ).
فقال له عثمان : يا علي ( كرهت ) وآذيت ثم جئت ترفق، فقال له : بما أنزل الله تعالى في شأنك ؟ وقرأ عليه هذه الآية.