" صفحة رقم ٣٤٦ "
وقال بعضهم : بل نزلت في قوم من المؤمنين لم يكونوا راسخين في العلم، وأهل الإيمان يتفاضلون في الإيمان منهم الكامل الذي لايخرجه إيمانه من غلبة الطبع عليه. ومنهم من ينقص عن تلك الحالة فينفّر نفسه عمّا يؤمر به فيما يلحقه فيه الشدة.
وقيل : نزلت في قوم كانوا مؤمنين فلما فرض عليهم الجهاد نافقوا عن الجهاد من الجبن، وتخلفوا عن الجهاد.
ويدلّ عليه إن الله لايتعبد الكافر والمنافق بالشرائع بل يتعبدهم أولاً بالإيمان ثم بالشرائع فلما نافقوا نبّه الله على أحوالهم.
وقد قال الله مخبراً عن المنافقين ) أنهم آمنوا ثم كفروا ( ) قل ( يا محمّد لهم ) مَتَاعُ الدُّنْيَا ( أي منفعتها والاستمتاع بها ) قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ ( يعني وثواب الآخرة ) خَيْرٌ ( أفضل ) لِمَنِ اتَّقَى ( الشرك بالله ونبوة الرسول ) وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا (.
قال ابن عباس وعلي بن الحكم : الفتيل الشق الذي في بطن النواة.
النساء :( ٧٨ ) أينما تكونوا يدرككم.....
) أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ ( أي ينزل بكم ) المَوْتُ ( نزلت في قول المنافقين لما أُصيب أهل أحد، ) لَوْ كَانُوا عِنْدَنا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ( فردَّ الله عليهم بقوله :) أَيْنَما تَكُوْنُوا يُدْرِكُّكمُ الْمَوْت وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوج مُشَيَّدَة (.
قتادة : في قصور محصنة، عكرمة : مجصّصة مشيّدة مُزيّنة، القتيبي : مطولة.
الضحاك عن ابن عباس البروج : الحصون والآطام والقلاع.
وفي هذه الآية ردّ على أهل القدر، وذلك أنّ الله حكى عن الكفار أنهم قالوا :) لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا ( وقال :) قَدْ أنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إذْ لَمْ أكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً ( ردَّ على الفريقين بقوله :) أيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ المَوْتُ ( فعرّفهم بذلك أن الآجال متى انقضت فلابد من زوال الروح، ومفارقتها الأجسام.
فإن كان ذلك بالقتل، وإلاّ فبالموت. خلافاً لما قالت المعتزلة من أن هذا المقتول لو لم يقتله هذا القاتل لعاش، فوافق قولهم هذا الكفار، فردَّ الله عليهم جميعاً ) إن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ( الآية.
نزلت في المنافقين واليهود، وذلك أنهم قالوا لما قدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة : ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا، ومزارعنا، منذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه، فأنزل الله تعالى ) وإن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ( يعني اليهود والمنافقين، أي خصب ( وريف ) ورخص في السعر ) يَقُولُوا هَذِهِ