" صفحة رقم ٣٥٦ "
وقال عكرمة : هم ناس ممن قد صبوا ليأخذوا أموالاً من أموال المشركين فانطلقوا بها إلى اليمامة فاختلف المسلمون فيهم فنزلت فيهم هذه الآية.
وقال مجاهد : هم قوم خرجوا مع النبي ( ﷺ ) إلى المدينة ثمّ ارتدّوا بعد ذلك واستأذنوا رسول الله ( ﷺ ) ليأتوا بضائع لهم يتاجرون فيها، فخاف المسلمون منهم فقائل يقول : هم منافقون، وقائل يقول : هم مؤمنون، فبيّن الله تعالى نفاقهم.
وقال الضحاك : هم قوم أظهروا الإسلام بمكة فلما هاجر رسول الله ( ﷺ ) لم يهاجروا فاختلف المسلمون فيهم، فنزلت هذه الآية ( فمالكم ) يامعشر المؤمنين ( في المنافقين فئتين ) أي صرتم في المنافقين فئتين فمحلّ ومحرّم، ونصب فئتين على خبر صار، وقال بعضهم : نصب على إلاّ. ) وَاللهُ أرْكَسَهُمْ ( أي أهلكهم، ولكنهم تركوهم بكفرهم وضلالتهم بأعمالهم غير الزاكية يقال : أركست الشيء ركسته أي نكسته ورددته، وفي قراءة عبدالله : وإني والله أنكسهم، وقال ابن رواحة :
أركسوا في فتنة مظلمة
كسواد الليل يتلوها فتن
) أتُرِيدُونَ أنْ تَهْدُوا ( أي ترشدوا إلى الهدى ) مَنْ أضَلَّ اللهُ ( وقيل : معناه : أيقولون أنّ هؤلاء يهتدون والله قد أضلّهم ) وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ ( عن الهدى ) فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا ( أي ديناً وطريقاً إلى الهدى
النساء :( ٨٩ ) ودوا لو تكفرون.....
) وَدُّوا ( أي تمنّوا ) لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ( شركاء في ذلك مثلهم كفاراً، ثمّ أمرهم بالبراءة منهم فقال ) فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله ( الثانية معكم.
قال عكرمة : هي هجرة أخرى وبيعة اخرى، والهجرة على ثلاثة أوجه : أما هجرة المؤمنين أوّل الإسلام فمضى في قوله ) لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأمْوَالِهِمْ ( وقوله ) ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله (، وأما هجرة ( المؤمنين ) فهي الخروج في سبيل الله مع رسول الله ( ﷺ ) صابراً محتسباً. قال الله ) حتى يهاجروا في سبيل الله (، وأما هجرة المؤمنين فهي أن يهجروا ما نهى الله عنه كما قال رسول الله ( ﷺ ) ) فَإنْ تَوَلَّوْا ( عن التوحيد والهجرة ) فَخُذُوهُمْ ( يقول اسروهم ) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ( يعني في الحل والحرم ) وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً ( يعني ما ينافي العون والنصرة، وقوله ) لو تُدْهِنُ ( لم يرد به جواباً التمني لأن جواب التمني بالفاء منصوب بما أراد به الفسق على من نزل ) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ( وودّوا لو