" صفحة رقم ٣٦٧ "
في الفرقان ) وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إلَهاً آخَرَ ( إلى قوله ) إلاَّ مَنْ تَابَ ( عجبنا من لينها فلبثنا سبعة أشهر ثم نزلت في سورة النساء ) وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ( الآية فنسخت الغليظة اللينة يقال : إن الغليظة نزلت بعد اللينة بستة أشهر.
نقول ومن الله التوفيق : إن قول المفسرين واختلافهم في الآيتين أيهما أنزلت قبل، وقوله : إن واحدة منها ناسخة والأخرى منسوخة فلا فائدة منه إذ ليس سليماً سبيل الناسخ والمنسوخ، لأن النسخ لايقع في الأخبار، وإنما يقع في الأحكام والآيتان جميعاً ( خبر أنّ ).
فإن تكن الآية التي أنزلت في النساء أولاً فإنها مجملة لم يستوف حكمها بالنص.
وفسر حكمها في الآية التي في الفرقان.
وإن كانت هي في الفرقان نزلت متقدمة. ثم أُنزلت التي في النساء فإنه استغنى بتفسير ما في القرآن عن إعادة تفسيرها في النساء والله أعلم.
وأما قول من زعم أن من وافى القيامة وهو مرتكب الكبائر. وهو مؤمن لم يضره ذلك فإنه ( رادّ ) لكتاب الله تعالى لأن الله تعالى قال ) إنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (، فلم يطلق المغفرة لما دون الشرك بل ردّه إلى المشيئة ليعلم إن منه ما يكون مغفوراً أي ما يكون صاحبه معذوراً ثمّ يخرج من النار فلا يؤبد فيها، ويؤيد ذلك. قضية الشفاعة وغيرها.
فدلت هذه الدلائل على بطلان قول الوعيدية والمرجئة، وصحة قولنا، فهذا حكم الآية.
النساء :( ٩٤ ) يا أيها الذين.....
) يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ( الآية.
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في رجل من بني مرة بن عوف بن سعد ( بن ذبيان ) يقال له : مرداش بن نهيك وكان من أهل فدك وكان مسلماً لم يسلم من قومه غيره، فسمعوا بسرية لرسول الله ( ﷺ ) تريدهم وكان على السرية يومئذ رجل يقال له غالب بن فضالة الليثي فهربوا وأقام الرجل لأنهُ كان على دين المسلمين.
فلما راى الخيل خاف أن تكون من غير أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فألجأ غنمه إلى عاقول في الجبل وصعد هو إلى الجبل، فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبّرون، فلما سمع التكبير عرف أنهم من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فكبّر فنزل وهو يقول : لا إلاه إلاّ الله محمد رسول الله السلام عليكم فتغشاه أُسامة بن زيد بن حارثة فقتله وأخذوا غنمه ثم رجعوا إلى رسول الله ( ﷺ ) فأخبروه الخبر فوجد رسول الله ( ﷺ ) من ذلك وجداً شديداً


الصفحة التالية
Icon