" صفحة رقم ٣٧٥ "
الله ( ﷺ ) وأصحابه ( قاموا إلى ) صلاة الظهر يصلّون جميعاً ورسول الله ( ﷺ ) يؤمهم ندموا على تركهم إلاّ كانوا كبراً عليهم فقال بعضهم لبعض : دعوهم فإن لهم بعدها صلاة هي أحبَّ إليهم من آبائهم وأبنائهم يعني صلاة العصر. وإذا رأيتموهم قد قاموا فيها فشدّوا عليهم فاقتلوهم.
فلما قاموا إلى صلاة العصر نزل جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : يا محمد إنها صلاة الخوف فإن الله يقول ) وَإذَا كُنتَ فِيهِمْ ( مقيماً يعني شهيداً معهم ) فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ( ) فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأخُذُوا أسْلِحَتَهُمْ فَإذَا سَجَدُوا ( إلى آخر الآية قال : فعلمه جبرئيل صلاة أُخرى.
فلما قام النبي ( ﷺ ) إلى الصلاة وقف أصحابه صفين ثم كبر فكبروا جميعاً، ثم إن الصف الآخر استقبلوا العدو بوجوهم يحمون النبي وأصحابه، فصلى رسول الله ( ﷺ ) بالصف الذي معه ركعة وسجدتين ثم قاموا وكبروا وراءهم من غير أن يتكلموا إلى مصاف أصحابهم ونكص آخرون حتى قاموا خلف رسول الله ( ﷺ ) فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم تشهد وسلم ثم قام الصف الذي خلفه فرجعوا إلى مصاف أصحابهم، وكانت لرسول الله ( ﷺ ) ركعتان وأربع سجدات والقوم ركعة وسجدتين وصلى كل إنسان منهم لنفسه ركعة وسجدتين.
كيفية صلاة الخوف
اختلف العلماء في كيفية صلاة الخوف.
فقال الشافعي : إذا صلى في سفر صلاة الخوف من عدو غير مأمون، صلى الإمام بطائفة ركعة وطائفة فجاءه العدو فإذا فرغ العدو قام فلبث قائماً وأطال وأتمم الطائفة للركعة التي بقيت عليها يقرأ بأم القرآن وسورة، ويخفف ويسلم وينصرف فيقف وجاءه العدو، ويأتي الطائفة الأُخرى فيصلي بها الإمام الركعة الثانية التي بقيت عليه فيقرأ فيها بعد إتيانهم بأم القرآن وسورة قصيرة ويثبت جالساً وتقوم الطائفة تتم لنفسها الركعة التي بقيت عليها بأم القرآن وسورة قصيرة ثم تجلس مع الإمام كل واحدة منهما مع إمامها ما أحدثت الأُخرى منه.
واحتج بقول الله تعالى. ) وَإذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ ( الآية.
فاحتج أيضاً بأن النبي ( ﷺ ) فعل ذلك يوم ذات الرقاع.
وروى معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ) وَإذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ( قال : هذا في الصلاة عند الخوف يقيم الإمام ويقوم معه طائفة منهم وطائفة يأخذون أسلحتهم ويقفون بأزاء العدو فيصلي الإمام بمن معه ركعة ثم يثبت قائماً فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية ثم ينصرفون حتى يأتوا بأصحابهم فيقفون موقفهم. ثم يقبل الآخرون فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية ثم يجلس الإمام فينظرهم فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية ويشهدون ثم يسلم بهم الإمام، فهكذا صلى رسول الله ( ﷺ ) يوم ذات الرقاع


الصفحة التالية
Icon