" صفحة رقم ٣٨ "
السَّديَّ : دعا النبي ( ﷺ ) اليهود إلى الإسلام، فقال لهُ النعمان بن أبي أوفى : هلَّم يا محمَّد نخاصمك إلى الأحبار، فقال له رسول اللَّه ( ﷺ ) بل إلى كتاب اللَّه. فقال : بل إلى الأحبار. فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
وقال الآخرون : هي التوراة.
روى سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس، قال : دخل رسول اللَّه ( ﷺ ) بيت المقدس على جماعة من اليهود، فدعاهم إلى اللَّه عزَّ وجل.
فقال له نعيم بن عمر وابن الحارث بن فهد : على أيَّ دين أنت يا محمد ؟ فقال : على ملّة إبراهيم. قالا : إنَّ إبراهيم كان يهودياً. فقال لهم رسول اللَّه ( ﷺ ) فأسلموا إلى التوراة فهي بيننا وبينكم، فأبيا عليه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إنَّ رجلاً وامرأة من أهل خيبر زنيا، وكانا في شرف منهم، وكان في كتابهم الرجم. فكرهوا رجمهما لحالهما وشرفهما، ورجوا أن يكون عند رسول اللَّه رحمة في أمرهما، فُرفعِوا إلى رسول اللَّه ( ﷺ ) فحكم عليهما بالرجم، فقال له النعمان ابن أبي أوفى ونخري بن عمر : جُرتَ علينا يا محمد. ليس عليهما الرجم، فقال لهم رسول اللَّه ( ﷺ ) بيني وبينكم التوراة فإن فيها الرجم. قالوا : قد أنصفتنا. قال فمن أعلمكم ؟
فقالوا : رجل أعمى يسكن فدك، يُقال له ابن صوريا، فأرسلوا إليه، فقدم المدينة وكان جبرائيل ( عليه السلام ) قد وصفهُ لرسول اللَّه ( ﷺ ) فقال له رسول اللَّه : لأنت ابن صوريا ؟ قال : نعم. قال : أنت أعلم اليهود ؟ قال كذلك يزعمون، قال : فدعا رسول اللَّه بشيء من التوراة فيها الرجم مكتوب. فقال له : أقرأ. فلما أتى آية الرجم وضع كفهُ عليه وقرأ ما بعدها. فقال ابن سلام : يا رسول اللَّه قد جاوزها ووضع كفهُ عليها، وقام ابن سلام إلى ابن صوريا فرفع كفهُ عنها، ثم قرأ على رسول اللَّه ( ﷺ ) ( اليهوديان المحصنان إذا زنيا، وقامت عليهما البينة رجما، وإن كانت المرأة حبلى تربص بها حتى تضع ما في بطنها ). فأمر رسول اللَّه باليهوديين فرُجماً، فغُضِب اليهود لذلك غضباً شديداً، وانصرفوا. فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
٢ ( ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ ذاَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِى دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن