" صفحة رقم ٤٠٧ "
سمنها على القليل من العلف فكان الله تعالى سمّى نفسه شاكراً إلا أنه يرضى من عباده بالقليل من العبادة، بعد رتبة التوحيد.
وقال بعض المعتزلة : إن الوصف لله بأنه شكور وشاكر على جهة المجاز لأن الشكر في الحقيقة هو الاعتراف بنعم المنعم فلما كان القديم تعالى ذكره مجازياً للمطيعين على طاعتهم سمي مجازاته إياهم عليها شكراً على التوسعة، وليس الحمد عنده هو الشكر لأن الحمد ضد ( الذم ) والشكر ضد الكفر، فيقال له : إن لم يجز أن يكون الباري تعالى شاكراً على الحقيقة لما ذكرته لم يجز أن يكون مثيباً، لأن المثيب من كافى غيره على نعمة ( قدمت ) إليه ابتداءً، ( وإلاّ لم يجزيه ) أن يكون شاكراً في الحقيقة، والشكر من الله تعالى الثواب.
ومن العباد الطاعة وحقيقة مقابلة الطاعة بغيرها، فإذا قابلت أوامر الله بطاعتك فقد شكرته وإذا قابلك الله طاعتك بثوابه فقد شكرك عليها.
٢ ( ) لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذاَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَائِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَائِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ( ٢
النساء :( ١٤٨ ) لا يحب الله.....
) لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ ( يعني القول القبيح ) إلاَّ مَنْ ظُلِمَ ( فقد اذن للمظلوم ان ينتصر بالدعاء على ظالمه ) وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً ( لدعاء المظلوم ) عَلِيماً ( بعقاب الظالم، نظير قوله ) وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل ( مجاهد : هذا في الضيف النازل إذا لم يضيف ومنع حقه أو اساءوا قراه فقد رخص الله له أن يذكر منه ماصنع به، وزعم أن ضيفاً نزل بقوم فأساءوا قراه فاشتكاهم، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكو. والضيافة ثلاثة أيام ومافوق ذلك فهو صدقة.
وقوله ( من ظلم ) من في محل النصب لأنه استثناء ليس من الأول، وإن شئت جعلت من رفعاً فيكون المعنى ) لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَنْ ظُلِمَ ( فيكون من بدلاً من معنى أحد والمعنى لايحب الله أن يجهر أحد بالسوء من القول إلاّ المظلوم، وقرئ إلاّ مَنْ ظلم بفتح الظاء واللام على معنى إن الظالم يجهر بالسوء من القول ظلماً واعتداءً، ويكون المعنى لكن الظلم الجهر بذلك ظلماً ومحل من في ) مَن ظُلم ( النصب لأنه استثناء من الأول، وفيه


الصفحة التالية
Icon