" صفحة رقم ٤١ "
وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، يعني المدينة، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم، فكبَّر رسول اللَّه ( ﷺ ) تكبير فَتْح، وكبَّر المسلمون، ثم ضربها ( ﷺ ) فكسرها، وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحاً في جوف بيتُ مظلم، فكبَّر رسول اللَّه ( ﷺ ) تكبير فتح، وكبَّر المسلمون معه. فأخذ بيد سلمان ورقى. فقال سلمان : بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه لقد رأيتُ شيئاً ما رأيتُ مثلهُ قط فالتفت رسول اللَّه ( ﷺ ) إلى القوم فقال : رأيتم ما يقول سلمان ؟ قالوا : نعم يا رسول اللَّه ( بأبينا أنت وأمّنا وقد رأيناك تضرب فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبّر فنكبّر ولا نرى شيئاً غير ذلك ) قال : ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل ( عليه السلام ) أنَّ أمتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور نصرى من أرض الروم كأنَّها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل ( عليه السلام ) أنَّ أمتي ظاهرة عليها. ( ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبرائيل أنَّ أمتي ظاهرة عليها ) فأبشروا. فاستبشر المسلمون، وقالوا : الحمد لله موعود صدق بأن وعدنا النصرُ بعد الحصر. ( فطبقت الأحزاب فقال : المسلمون :) هذا ما وعدنا الله ورسوله ( الآية ).
وقال المنافقون : ألا تعجبون يُمنّيكم ويعدكم الباطل، ويخبركم أنَّه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأنَّها تفتح لكم وأنتم إنَّما تحفرون الخندق من الفرق لا تستطيعون أنْ تبرزوا، قال : فأنزل القرآن :) وإذ يقول المنافقون والذَّين في قلوبهم مرض ما وعدنا اللَّه ورسولهُ إلاَّ غرورا ( وأنزل اللَّه في هذه القصة قوله تعالى :) قُلْ اللَّهم مالك الملك (.
واختلف النحاة في وجه دخول الميم في هذا الاسم وأصلهُ ( اللَّه ) وفي نصبه.
وقال بعضهم : إنَّما أُدخل الميم في آخره بدلاً من حرف النداء المحذوف من أوله ؛ لأنَّ أصلهُ ( يا اللَّه ) فحذفت حرف النداء وأُدخلت الميم خلفاً منه.
كما قالوا : فم، ودم، وزر، قم مُحذف وستهم، وما أشبه ذلك من الأسماء والنعوت التي يحذف منها الحرف.
واحتجوا بأنّ نحوها من الأسماء والنعوت إذا حُذف منها حرف أُبدل مكانهُ ميم، ولمّا كان المحذوف من هذا الاسم حرفين كان البدل ميمين، فأدغمت إحداها في الأُخرى فجاء التشديد


الصفحة التالية
Icon