" صفحة رقم ٤١٦ "
فالأعظم وتجيء الدواب التي في الجبال، إذا سمعن صوت داود فيقمن بين يديه تعجبّاً لما سمعن منه، وتجيء الطير حتى يظللن داود وسليمان والجن والإنس في كثرة لايحصيهم إلاّ الله عز وجل يرفرفن على رؤسهم ثم تجيء السباع حتى تخالط الدواب والوحش لما سمعن حتى من لم ير ذلك، فقيل له : ذاك انس الطاعة، وهذه وحشة المعصية.
وروى طلحة بن يحيى عن أبي بردة أبي موسى عن أبيه قال : قال لي رسول الله ( ﷺ ) ( لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقرآنك، لقد أُعطيت مزماراً من مزامير آل داود ) قلت : أما والله يا رسول الله لو علمت إنّك تسمع قراءتي لحسّنت صوتي وزدته ( تحبيراً ).
وكان عمر ( رضي الله عنه ) إذا رآه قال : ذكّرنا يا أبا موسى فيقرأ عنده.
وعن أبي عثمان ( النهدي ) وكان قد أدرك الجاهلية، قال : ما سمعت ( طنبوراً ولا صنجاً ) ولا مزماراً أحسن من صوت أبي موسى وإن كان لَيَؤُمّنا في صلاة الغداة لنودّ أنه يقرأ سورة البقرة من حسن صوته حيث نزع حرف الصفة فالمعنى : كما أوحينا إلى نوح وإلى رسل.
وقيل معناه وقصصنا عليك رسلاً نصب بعائد الذكر، وفي قراءة
النساء :( ١٦٤ ) ورسلا قد قصصناهم.....
) وَرُسُلا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ ( بمكة في سورة الأنعام لأن هذه السورة مدنية أُنزلت من بعد الأنعام ) وَرُسُلا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً (
النساء :( ١٦٥ ) رسلا مبشرين ومنذرين.....
) رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ( سمّى الله تعالى النبيين بهذين الإسمين، فقال :) كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ( ثم سمّى المرسلين خاصة بهذا الإسم، فقال ( مبشرين ومنذرين ) ثم سمّى نبينا خاصة بهذين الإسمين، فقال :) إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله ( ) لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ( فيقول : ما أرسلت إلينا رسولاً فنتبع وما أنزلت علينا كتاباً. وقال في آية أخرى ) وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا (.
قال رسول الله ( ﷺ ) ( ما أحد أغير من الله تعالى ). ولذلك ) حرم ربّي الفواحش ماظهر منها وما بطن ( وما ( أحسن ) إليه المدح من الله تعالى ولذلك مدح نفسه جل