" صفحة رقم ٤٧ "
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال : نزلت في المنافقين عبد اللَّه بن أُبي وأصحابه، كانوا يتولون اليهود والمشركين ويأتونهم بالأخبار، ويرجون أنْ يكون لهم الظفر على رسول اللَّه ( ﷺ ) فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، ونهى المؤمنين عن مثل فعلهم.
وروى يوسف بن داود الضبي عن بعضهم، قال :) لا يتخذوا المؤمنين ( بالرفع خبراً عنهم وفيه معنى النهي كقوله تعالى :) لا ريب فيه (.
جوبير عن الضحاك عن ابن عباس : نزلت في عُبادة بن الصامت الأنصاري، وكان بدرياً تقياً، وكان له حلفاء من اليهود، فلمّا خرج النبي ( ﷺ ) يوم الأحزاب، قال عبادة : يا نبي اللَّه إنَّ معي خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا معي فاستظهرتهم على العدَّو، فأنزل اللَّه تعالى :) لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ( الآية.
) ومن يفعل ذلك ( : أي موالاة الكفار في نقل الأخبار إليهم، وإظهارهم على عدَّة المسلمين، ) فليس من اللَّه في شيء ( : وفيه اختصار، أي ليس من دين اللَّه في شيء.
وقال الحسن والسدَّي : ليس من الولاية في شيء، فقد بريء اللَّه منهُ، ثم استثنى فقال :) إلاَّ أنْ تتَّقوا منهم تقاة ( : يعني : إلاَّ أنْ تخافوا منهم مخافة.
وقرأ أبو العالية عن الحسن، والضحاك وأبو رجاء وجابر بن زيد وحميد بن مجاهد : تقية على وزن نقية، ( وخالفهما ) أبو حاتم قال : لأنهم كتبوها بالياء مثل حصاة ونواة إلاَّ بالألف.
قرأ حمزة والكسائي وخلف :( تقية ) بالاحتجاج فكان الياء.
وقرأ الباقون ( تقاة ) بالتضميم. وأختاره أبو عبيدة.
وقرأ الأخفش :( تقاءة ) مثل تكأة ويؤده ونحوها، وهي مصدر ( أتقى ) ومثال تقيهُ تُقاةً وتقية وتقيٌ وتقوى، وإذا قلت : اتقنت كان مصدرهُ الاتقاء، وإنَّما قال :( تتقوا ) من الأتقياء، ثم قال :( تقاة ) ولم يقل أتَّقاء ؛ لأن العرب إذا كان بالكلمتين واحداً واختلف ألفاظها أخرجوا مصدر أحد اللفظين مصدر اللفظ الآخر فيقولون : التقيتُ فلاناً لقاءً حسناً.
وقال القطامي في وصف غيث :
قد لجّ بجانب الجبلين........
ركام يحفر الترب احتفاراً


الصفحة التالية
Icon