" صفحة رقم ٧٥ "
أوتى بها من هذه الأرض وليست مثل هذه. قال : هي من أرض أُخرى، فاختلط على الملك فشدد عليه. قال : أنا أخبرك، عندي غلام لا يسأل اللّه شيئاً إلا أعطاهُ إيّاه. وإنّه دعا اللّه تعالى ( فجعل الماء خمراً ) وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيّام. وكان أحبّ الخلق إليه. فقال : إنّ رجلاً دعا اللّه حتى جعل الماء خمراً لُيستجابنّ له حتى يُحيي ابني، فدعا عيسى فكلّمهُ في ذلك. فقال عيسى : لا تفعل، فإنه إن عاش كان شراً، فقال الملك : لا أُبالي، أليس أراه، فلا أُبالي ما كان.
فقال عيسى : فإن أحييته تتركوني وأُمّي نذهب حيث نشاء. قال : نعم. فدعا اللّه فعاش الغلام. فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش بادروا بالسلاح وقالوا : أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا إبنه. فيأكلنا كما أكلنا أبوه فاقتتلوا.
وذهب عيسى وأمّه فمرّا بالحواريين وهم يصطادون السمك. فقال عيسى : ما تصنعون ؟ قالوا : نصطاد السمك. قال : أفلا ( تمشون ) حتى نصطاد النّاس ؟ قالوا : كيف ذلك. قال : من أنصاري إلى اللّه ؟ قالوا : ومن أنت ؟ قال : أنا عيسى بن مريم عبد اللّه ورسوله. فآمنوا به وانطلقوا معه. فهم الحواريون وذلك قوله
آل عمران :( ٥٢ ) فلما أحس عيسى.....
) فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله (.
قال السدي وابن جريج والكسائي : مع اللّه، تقول العرب : الذّود إلي الذّود إبل.
وقال النابغة :
فلا تتركوني بالوعيد كأنني
إلى النّاس مطليَّ به القار أجرب
أي مع الناس.
وقال آخر :
ولوح ذراعين في بدن
إلى جؤجؤ رهل المنكب
أي مع جؤجؤ.
نظيره قوله تعالى :) ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ( : أي مع أموالكم.
وقال الحسن وأبو عبيدة ( من أنصاري في السبيل إلى الله )، تعني في : أي من أعواني في اللّه ؟ : أي في ذات اللّه وسبيله.