" صفحة رقم ٢٢٠ "
والرابع : إن النار سبب العذاب وهي عذاب الله لإعدائه وليس التراب سبباً للعذاب.
والخامس : إنّ الطين ( يُسقى ) من النار والنار محتاجة إلى المكان ومكانها التراب.
الأعراف :( ١٣ ) قال فاهبط منها.....
فقال الله له :) قال فاهبط منها ( أي من الجنّة، وقيل : من السماء إلى الأرض فألحقه بجزائر البحور وإنّما سلطانه وعظمته في خزائن البحور وعرشه في البحر الأخضر فلا يدخل في الأرض إلاّ لهبة السارق عليه أطمار تروع فيها ( مَنْ يخرج ) منها ) فما يكون لك ( فليس لك أن ) تتكبر فيها ( في الجنّة، وليس ينبغي أن يسكن الجنّة ولا السماء ( متكبر ) ولا بخلاف أمر الله عزّ وجلّ ) فاخرج إنّك من الصاغرين ( الأذلاء والصغر الذل والمهانة قال إبليس عند ذلك
الأعراف :( ١٤ ) قال أنظرني إلى.....
) قال أنظرني ( أخرّني واجلني وأمهلني ولا تمتني ) إلى يوم يُبعثون ( من قبورهم وهو النفخة الأخيرة عند قيام الساعة، أراد الخبيث أن لا يذوق الموت،
الأعراف :( ١٥ ) قال إنك من.....
) قال إنّك من المنظرين ( المؤخّرين.
ثمّ بيّن مدّة النظر والمهلة في موضع آخر، فقال ) إلى يوم الوقت المعلوم ( وهي النفخة الأولى حين ثبوت الخلق كلّهم
الأعراف :( ١٦ ) قال فبما أغويتني.....
) قال فبما أغويتني (. اختلفوا في ما قال : فبعضهم قال : هو استفهام يعني فبأي شيء أغويتني ثمّ ابتدأ فقال ) لأقعدن لهم ( فقيل : هو ما الجزاء يعني فإنّك أغويتني لأجل أنك أغويتني لأقعدن، وقيل : هو ما المصدر في موضع القسم تقديره : بإغوائك إياي لأقعدن كقوله ) بما غفر لي ( يعني بغفران ربّي.
وقوله أغويتني أضللتني عن الهدى. وقيل : أهلكتني، من قول العرب غوى الفصيل ( يعني ) غوي وذلك إذا فقد اللبن فمات. قال الشاعر :
معطفة الأثناء ليس فصيلها
برازئها دراً ولا ميّت غوى
وحكى عن بعض قبائل طي أنها تقول : أصبح فلان غاوياً أي مريضاً غاراً، وقال محمد بن جرير : أصل الإغواء في كلام العرب تزيين الرجل للرجل الشيء حتّى يحسنه عنده غاراً له.
قال الثعلبي : وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد الحسين بن هاني قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد ( الراوساني ) قال : حدثنا عليّ بن سلمة قال : حدثنا أبو معاوية الضرير عن رجل لم يسمّ قال : كنت ( عند ) طاووس في المسجد الحرام فجاء رجل ممّن يرمي القدر من كبار الفقهاء فجلس إليه فقال طاووس :( يقوم أو يقام ) فقام الرجل فقال لطاووس : تقول هذا الرجل فقيه، فقال إبليس : أفقه منه بقول إبليس ربِ بما أغويتني ويقول : هذا أنا أغوي نفسي