" صفحة رقم ٢٥ "
عن أبي عفيف الهذلي إنه رأى ابن عمر يتوضأ للظهر ثم العصر ثم المغرب، فقلت : يا أبا عبد الرحمن أسنّة هذا الوضوء ؟ قال : إنه كان كافياً وضوئي للصلاة كلها مالم أُحدث ولكني سمعت رسول اللّه ( ﷺ ) يقول :( من توضأ على طهر كتب اللّه له عشر حسنات ) ففي ذلك رغبت يا ابن أخي.
وقال بعضهم : بل كان هذا أمراً من اللّه عز وجل لنبيه وللمؤمنين حتماً وامتحاناً أن يتوضأ لكل صلاة، ثم نسخ للتخفيف.
وقال محمد بن يحيى بن جبل الأنصاري قلت : لعبيد اللّه بن عمر : أخبرني عن وضوء عبد اللّه لكل صلاة طاهراً كان أو غير طاهر عمّن هو ؟ قال : حدّثتنيه أسماء بنت زيد الخطاب أن عبد اللّه بن حنظلة بن أبي عامر الغسيلي حدثها أن النبي ( ﷺ ) أُمر بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه فأُمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلاّ من حدث، وكان عبد اللّه يرى أن به قوّة عليه فكان يتوضأ.
وروى سليمان بن بريد عن أبيه أن رسول اللّه ( ﷺ ) كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم فتح مكّة صلّى الصلوات الخمس كلها بوضوء واحد، فقال عمر ( رضي الله عنه ) : إنك تفعل شيئاً لم تكن تفعله قال :( عمداً فعلته يا عمر ).
وقال بعضهم : هذا إعلام من اللّه تعالى لرسوله ( ﷺ ) أن لا وضوء عليه إلاّ إذا قام إلى صلاته دون غيرها من الأعمال.
وذلك إنه إذا كان أحدث امتنع من الأعمال كلها حتّى يتوضأ فأذن اللّه عز وجل بهذه الآية أن يفعل كل ما بدا له من الأفعال بعد الحدث غير الصلاة.
وروى عبد اللّه بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عبد اللّه بن علقمة بن وقاص عن أبيه قال : كان رسول اللّه ( ﷺ ) إذا أراق البول نكلمه فلا يكلمنا ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى يأتي منزله فيتوضأ لوضوء الصلاة حتّى نزلت آية الرخصة ) يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم (.
وحّد الوجه من منابت شعر الرأس إلى طرف الذقن طولاً، وما بين الأُذنين عرضاً، فأما ما استرسل من اللحية عن الذقن ؛ فللشافعي هنا قولان :
أحدهما : أنه لا يجب على المتوضىء غسله، وهو مذهب أبي حنيفة واختيار المزني


الصفحة التالية
Icon