" صفحة رقم ٢٧٩ "
وقرأ الباقون مقصورة الرفع منونة. وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد، فمن قصره فمعناه جعله مدكوكاً. والدك والدق بمعنى واحد لأن الكاف والقاف يتعاقبات، لقولهم : كلام رقيق وركيك، ويجوز أن يكون معناه : دكه الله دكاً أي فتّه الله أغباراً لقوله ) إذا دُكّت الأرض دكّاً ( وقوله ) وحملت الأرض والجبال فدكتا دكةً واحدة (.
قال حميد :
يدك أركان الجبال هزمه
تخطر بالبيض الرقاق بهمه
ومن مده فهو من قول العرب ناقة دكاء إذا لم يكن لها سنام. وحينئذ يكون معناه : جعله أيضاً دكاء، أي مستوية لا شيء فيها، لأن الجبل مذكر، هذا قول أهل الكوفة.
وقال نحاة البصرة : معناه فجعله مثل دكّاً وحذف مثل فأجرى مجرى ) واسأل القرية ( قال الأخفش : من مدّ قال في الجمع : دكاوات، وذلك مثل حمراوات وحمرة، ومن قال : أرض دك، قال في الجمع : دكوك، ) وخرَّ ( أي وقع ) موسى صعقاً ( قال ابن عباس : فغشي عليه، وقال قتادة : ميّتاً.
وقال الكلبي : خرّ موسى صعقاً يوم الخميس يوم عرفة وأعطى التوراة يوم الجمعة ( يوم النحر ).
وقال الواقدي : لما خرَّ موسى صعقاً قالت ملائكة السماوات : ما لابن عمران وسؤاله الرؤية ؟
وفي بعض الكتب أنّ ملائكة السماوات أتوا موسى وهو مغشي عليه فجعلوا يلكزونه بأرجلهم ويقولون : يابن النساء الحيض أطمعت في رؤية ربّ العزّة.
) فلمّا أفاق ( من صعقته وعقله عرف أنّه قد فعل أمراً لا ( ينبغي فعله ) ) قال سبحانك تبت إليك ( من سؤالي الرؤية ) وأنا أوّل المؤمنين ( بأنك لا تُرى في الدنيا ( قال السدي ) ومجاهد : وأنا أوّل مَنْ آمن بك من بني إسرائيل.
وسمعت أبا القاسم الحبيبي قال : سمعت أبا القاسم النصر آبادي يحكي عن الجنيد ( أنه قال :) جئت إليك من الأسباط في شيء لا تعقله نيتي، فأنا أوّل المؤمنين بأنّك لا تُرى في الدنيا لأن أول من سألك الرؤية (...... ).


الصفحة التالية
Icon