" صفحة رقم ٢٩ "
وقول قتادة قال : إفترض اللّه غسلين ومسحين، ومذهب داود بن علي الأصفهاني ومحمد ابن جرير الطبري وأبي يعلى وذهب بعضهم إلى إن المتوضىء يتخير بين غسلهما ومسحهما، والدليل على وجوب غسل الرجلين في الوضوء قول اللّه عز وجل :) إلى الكعبين ( فتحديده بالكعبين دليل على الغسل كاليدين لما حدّهما إلى المرفقين كان فرضهما الغسل دون المسح.
ويدل عليه من السّنة ما روي عن عثمان وعلي وأبي هريرة وعبد اللّه بن زيد إنهم حكوا وضوء رسول اللّه ( ﷺ ) فغسلوا أرجلهم.
وروى خلاد بن السائب عن أبيه عن رسول اللّه ( ﷺ ) أنه قال :( لا يقبل اللّه صلاة إمرىء حتّى يضع الوضوء مواضعه فيغسل وجهه ويديه ويمسح برأسه ويغسل أرجله ).
وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر أنه قال : أمرنا رسول اللّه ( ﷺ ) أن نغسل أرجلنا إذا توضأنا.
وقال ابن أبي ليلى : أجمع أصحاب رسول اللّه ( ﷺ ) على وجوب غسل الرجلين.
أبو يحيى عن عبد اللّه بن عمرو قال : مرّ النبي ( ﷺ ) على قوم عراقيبهم تلوح فقال :( أسبغوا الوضوء ويل للعراقيب من النار ).
وقال حميد الطويل : رأى رسول اللّه ( ﷺ ) أعمى يتوضأ فقال :( إغسل باطن قدميك ) فجعل يغسل حتّى سمّي أبا غسيل ).
روى أبو قلابة أن عمر ( رضي الله عنه ) رأى رجلاً يتوضأ فترك باطن قدميه فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة.
وقالت عائشة رضي اللّه عنها : لإن تقطعا أحبّ إلّي من أن أمسح على القدمين بغير خفين إلى الكعبين.
وهما النابتان من جانبي الرجل ومجمع مفصل الساق والقدم. وسمّتهما العرب المنجمين، وعليهما الغسل كالمرفقين، هذا مذهب الفقهاء وخالفهم محمد بن الحسن في الكعب فقال : هو الناتىء من ظهر القدم الذي يجري عليه الشراك. قال : وسمي ذلك لارتفاعه ومنه الكعبة.
ودليلنا قوله تعالى ) وأرجلكم إلى الكعبين ( فجمع الأرجل وثنّى الكعبين فلو كان لكل رجل كعب واحد لجمعهما في الذِكر كالمرافق لما كان في كل يد مرفق واحد، بجمع المرافق