" صفحة رقم ٣٣١ "
حتّى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلى دارنا فأنت في ذمامنا فنمنعك ممّا نمنع عنه أبناءنا ونساءنا، وكان رسول الله ( ﷺ ) يتخوّف أن تكون الأنصار لا ترى عليها نصرته إلاّ على مَنْ داهمه بالمدينة من عدّوه فإن ليس عليهم أن يسيّرهم إلى عدوّهم من بلادهم، فلمّا قال ذلك رسول الله ( ﷺ ) فقال له سعد بن معاذ : والله كأنّك تُريدنا يا رسول الله ؟
قال ( ﷺ ) ( أجل ).
قال : فقد آمنّا بكَ وصدّقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله ما أردت فوالذي بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحر فخضت لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن يلقانا بنا عدوّنا غداً إنّا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء لعل الله عزّ وجلّ يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله، ففرح بذلك النبيّ ( ﷺ ) ونشّطه قول سعد ثمّ قال : سيروا على بركة الله وابشروا فإنّ الله قد وعدكم إحدى الطائفتين. والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم وذلك قوله ) وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ( أي الفريقين أحدهما أبو سفيان مع العير والأُخرى أبو جهل مع النفير ) وتودّون ( تُريدون ) أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم ( يعني العير التي ليس فيها قتال والشوكة الشدة والقوة وأصلها من الشوك ) ويريد الله أن يحق الحق ( أي يحققه ويعلنه ) بكلماته ( بأمره إيّاكم بقتال الكفّار ) ويقطع دابر الكافرين ( فيستأصلهم
الأنفال :( ٨ ) ليحق الحق ويبطل.....
) ليُحقّ الحق ( الإسلام ) ويُبطل الباطل ( الكفر.
وقيل : الحق القرآن والباطل الشيطان ) ولو كره المجرمون ( أي المشركون.
الأنفال :( ٩ ) إذ تستغيثون ربكم.....
) إذا تستغيثون ربكم ( أي تستجيرون به من عدّوكم وتسألونه النصر عليهم، قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : لمّا كان يوم بدر ونظر رسول الله ( ﷺ ) إلى كثرة المشركين وقلّة المسلمين دخل العرش هو وأبو بكر واستقبل القبلة وجعل يدعو ويقول : اللّهمّ أنجز لي ما وعدتني اللّهمّ إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض، فلم يزل كذلك حتّى سقط رداؤه وأخذ أبو بكر رداءه وألقاه على منكبيه ثمّ التزمه من ورائه وقال : يانبي الله كفا مناشدتك ربّك فإن الله سينجز لك ما وعدك ) فاستجاب لكم أنّي ( أي بأنّي. وقرأ عيسى : إنّي بكسر الألف وقال إنّي ) مُمدّكم ( وزائدكم ومرسل إليكم مدداً ) بألف من الملائكة مُردفين ( قرأ أهل المدينة : مردفين بفتح الدال والباقون بكسره، لغتان متتابعين بعضهم في أثر بعض يقال : اردفه وردَفته بمعنى تبعته قال الشاعر :
إذا الجوزاء أردفت الثريّا
ظننت بآل فاطمة الظنونا