" صفحة رقم ٣٤٨ "
قال الكلبي : بصراً، وقال ابن إسحاق : فصلاً بين الحق والباطل، يظهر الله به حقكم ويطفئ به باطل مَنْ خالفكم.
وقال ابن زيد : فرقاً يفرق في قلوبهم بين الحق والباطل حتّى يعرفوه ويشهدوا به.
والفرقان مصدر كالرحمان والنقصان.
تقول : فرقت بين الشيء والشيء أفرق بينهما فرقاً وفروقاً وفرقاناً، ) ويكفر عنكم ( ما سلف من ذنوبكم ) ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك ( هذه الآية معطوفة على قوله تعالى :) فاذكروا إذ أنتم قليل (.
الأنفال :( ٣٠ ) وإذ يمكر بك.....
) وإذ يمكر بك الذين كفروا (. ) وإذا قالوا اللهم ( لأن هذه السورة مدنية.
وهذا القول والمكر كان بمكة، ولكن الله تعالى ذكرهم ذلك بالمدينة كقوله ) إلاّ تنصروه فقد نصره الله ( وكان هذا المكر على ما ذكره ابن عباس وغيره من المفسّرين أن قريشاً لمّا أسلمت الأنصار فرقوا أن تتفاقم أُمور رسول الله ( ﷺ )
فاجتمع نفر من مشايخهم وكبارهم في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله ( ﷺ ) وكانت روؤسائهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبا جهل وأبا سفيان وطعمة بن عدي والنضر بن الحرث وأبو البحتري بن هشام وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام وبنيه ومنبّه ابنا الحجاج وأُميّة بن خلف فاعترض لهم إبليس في صورة شيخ فلما رأوه قالوا : من أنت ؟ قال : أنا شيخ من نجد سمعت اجتماعكم فأردت أن أحضركم ولن تعدموا من رأي ونصح، قالوا : ادخل فدخل.
فقال أبو البحتري : أمّا أنا فأرى أن تأخذوه وتحبسوه في بيته وتشدوا وثاقه وتسدوا باب البيت فتتركوه وتقدموا إليه طعامه وشرابه وتتربصوا به ريب المنون حتّى يهلك فيه كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة، وإنّما هو كأحدهم.
فصرخ إبليس الشيخ النجدي وقال : بئس الرأي رأيتم تعمدون إلى الرجل وتحبسونه فيتم أجره، وقد سمع به مَنْ حولكم، ( فأوشكوا أن يشبّوا فينتزعوه من أيديكم ) ويقاتلونكم عنه حتّى يأخذوه منكم.
قالوا : صدق الشيخ. فقال هشام بن عمرو وهو من بني عامر بن لؤي : أمّا أنا فأرى أن تحملوه على بعير فيخرجوه من بين أظهركم فلا يضركم ( ما ضر من ) وقع إذا غاب عنكم