" صفحة رقم ٣٥٦ "
وقال مرّة الهمداني : يعني يميز المؤمن في علمه السابق الذي خلقه حين خلقه طيباً من الخبيث الكافر في علمه السابق الذي خلقه خبيثاً، وذلك أنّهم كانوا على ملة الكفر فبعث الله الرسول بالكتاب ليميّز ( الله ) الخبيث من الطيب فمن ( أطاع ) استبان أنّه طيب ومن خالفه استبان أنّه خبيث ) ويجعل الخبيث بعضه على بعض ( بعضه فوق بعض ) فيركمه جميعاً ( أي يجمعه حتّى يصيّره مثل السحاب الركام وهو المجتمع الكثيف ) فيجعله في جهنم ( فوحد الخبر عنهم لتوحيد قول الله تعالى ) ليميز الله الخبيث ( ثمّ قال ) أُولئك هم الخاسرون ( فجمع، رده إلى أول الخبر، يعني قوله :) الذين كفروا ينفقون أموالهم أُولئك هم الخاسرون ( الذين غنيت صفقتهم وخسرت تجارتهم لأنّهم اشتروا بأموالهم عذاب الله في الآخرة
الأنفال :( ٣٨ ) قل للذين كفروا.....
) قل للذين كفروا ( أبي سفيان وأصحابه ) إن ينتهوا يغفر لهم ( ان ينتهوا من الشرك وقال محمد : يغفر لهم ) ما قد سلف ( من عملهم قبل الإسلام ) وإن يعودوا ( لقتال محمد ( ﷺ ) ) فقد مضت سنّة الأوّلين ( في نصر الأنبياء والأولياء وهلاك الكفّار والأعداء مثل يوم بدر.
قال الأستاذ الإمام أبو إسحاق : سمعت الحسن بن محمد بن الحسن يقول : سمعت أبي يقول : سمعت عليّ بن محمد الوراق يقول : سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول : إنّي لأرجو أنّ توحيداً لم يعجز عن هدم ما قبله من كفر لا يعجز عن هدم ما بعده من ذنب.
وأنشدني أبو القاسم الحبيبي بذلك أنشدني أبو سعيد أحمد بن محمد الزيدي :
يستوجب العفو الفتى إذا اعترف
ثمّ انتهى عمّا أتاه واقترف
لقوله سبحانه ( في المعترف :) ) قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف (.
الأنفال :( ٣٩ ) وقاتلوهم حتى لا.....
) وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة ( أي شرك، وقال أبو العالية : بلاء، وقال الربيع : حتّى لا يفتن مؤمن عن دينه ) ويكون الدين ( التوحيد خالصاً ) كلّه لله ( عزّ وجلّ ليس فيه شرك ويخلع ما دونه من الأنداد.
وقال قتادة : حتّى يقال : لا إله إلاّ الله، عليها قاتل نبي الله وإليها دعا.
وقيل : حتّى تكون الطاعة والعبادة لله خالصة دون غيره ) فإن أنتهوا ( عن الكفر والقتال ) فإن الله بما يعملون بصير }
الأنفال :( ٤٠ ) وإن تولوا فاعلموا.....
) وإن تولوا ( عن الإيمان وعادوا إلي فقال أهله ) فاعلموا أن الله مولاكم ( ناصركم ومعينكم ) نعم المولى ونعم النصير ( الناصر.


الصفحة التالية
Icon