" صفحة رقم ٤٩ "
الجنّة قبل أن يصيب الخطيئة فحملت له فيها بقابيل وتوأمته فلم يجد عليها وحماً ولا وصباً ولا يجد عليها طلقاً حين ولدتهما ولم تر معهما دماً، لطهر الجنّة فلما هبط إلى الأرض واطمأنا بها تغشّاها فحملت بهابيل وتوأمته فوجدت عليهما الوصب والوحم والطلق والدم.
وكان آدم إذا شبّ أولاده تزوّج غلام هذا البطن جارية البطن الآخر وتزوج بجارية هذا البطن غلام البطن الآخر وكان الرجل منهم يتزوّج أي أخواته يشاء إلاّ توأمته التي ولدت معه فإنها لا تحل له، وذلك أنه لم يكن يومئذ نساء إلاّ أخواتهم وأمهم حوّاء، فلما ولد قابيل وأقليما، ثم هابيل وتوأمته ليوذا في بطن، وكان بينهما سنتين في قول الكلبي وأدركوا أمر اللّه عز وجل آدم ( عليه السلام ) أن ينكح قابيل ليوذا أخت هابيل. ونكح هابيل أقليما أخت قابيل، وكانت أخت قابيل من أحسن الناس. فذكر ذلك آدم لولده فرضي هابيل وسخط قابيل، وقال : هي أختي ولدت معي في بطن. وهي أحسن من أخت هابيل وأنا أحق بها منه، لأنّها من ولادة الجنة وهما من ولادة الأرض. وأنا أحق بأختي فقال له أبوه : إنها لا تحلّ لك، فأبى أن يقبل ذلك منه وقال إنّ اللّه لم يأمر بهذا وإنما هو من رأيه. فقال لهما آدم : فقرّبا قرباناً فأيكما يقبل قربانه فهو أحق بها.
وقال معاوية بن عمار : سألت الصادق عليه سلام اللّه عن آدم ( عليه السلام ) أكان زوّج ابنته من ابنه، فقال : معاذ اللّه والله لو فعل ذلك آدم ما رغب عنه رسول اللّه ( ﷺ ) وما كان دين آدم إلاّ دين رسول الله ( ﷺ ) إنّ اللّه تبارك تعالى لما نزل آدم وحواء إلى الأرض وجمع بينهما ولدت حوّاء بنتاً وسمّاها ليوذا فبغت وهي أوّل من بغت على وجه الأرض فسلّط اللّه عليها من قتلها فولدت لآدم على أثرها قابيل، ثم ولد له هابيل، فلما أدرك قابيل أظهر اللّه جنية من ولد الجان يقال لها جهانة في صورة إنسية وأوحى اللّه تعالى إلى آدم ( عليه السلام ) أن زوجها من قابيل فزوجها منه فلما أدرك هابيل أهبط اللّه تعالى حوراء إلى آدم ( عليه السلام ) في صورة إنسية وخلق لها رحماً وكان اسمها نزلة، فلما نظر إليها قابيل ومقها، وأوحى اللّه تعالى إلى آدم ( عليه السلام ) أن زوّج نزلة من هابيل، ففعل ذلك، فقال قابيل له : ألست أكبر من أخي وأحق بما فعلت به منه. فقال له آدم : يا بني إنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء. فقال : لا ولكنّك آثرته عليّ بهواك. فقال له آدم : إن كنت تريد أن تعلم ذلك فقرّبا قرباناً فأيكما تقبل قربانه فهو أولى بالفضل من صاحبه.
قالوا : وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت نار من السماء فأكلتها. وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار وأكلتها الطير والسباع، فخرجا ليقرّبا وكان قابيل صاحب زرع وقرّب حبرة من طعام من أردى زرع وأضمر في نفسه : ما أبالي أيقبل مني أم لا لأتزوج أختي أبداً، وكان هابيل راعياً