" صفحة رقم ٥١ "
قال السدّي : فلما أراد قتل هابيل راغ الغلام في رؤوس الجبال. ثم أتاه يوماً من الأيام ( وهو يرعى غنماً له وهو نائم ) فرفع صخرة فشدخ بها رأسه فمات.
وقال ابن جريح : لم يدر قابيل كيف يقتل هابيل، فتمثل له إبليس وأخذ طيراً فوضع رأسه على حجر ثم شدخ رأسه بحجر آخر وقابيل ينظر فعلّمه القتل، فوضع قابيل رأس أخيه بين حجرين. وكان لهابيل يوم قُتِل عشرون سنة فاختلفوا في مصرعه وموضع قتله.
قال ابن عباس : على جبل نود، وقال بعضهم : عند عقبة حرّا.
حكى محمد بن جرير، وقال جعفر الصادق : بالبصرة في موضع المسجد الأعظم.
فلما قتله بالعراء لم يدر ما يصنع به، لأنه كان أوّل ميّت على وجه الأرض من بني آدم فقصده السباع، فحمله في جراب على ظهره سنة حتى أروح وعلقت به الطير والسباع تنظر متى يرمي به فتأكله.
المائدة :( ٣١ ) فبعث الله غرابا.....
) فبعث اللّه ( غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه ثم حفر له بمنقاره وبرجله عليه حتى مكّن له ثم ألقاه في الحفيرة وواراه. وقابيل ينظر إليه فلما رأى ذلك ) قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي ( أي جيفته وفيه دليل على أن الميت كلّه عورة ) فأصبح من النادمين ( على حمله لا على قتله، وقيل : على موت أخيه لا على ركوب الذنب.
يدل عليه ما أخبر الأوزاعي عن المطلب بن عبد اللّه المخزومي قال : لما قتل ابن آدم أخاه رجفت الأرض بما عليها سبعة أيام ثم شربت الأرض دمه كما يشرب الماء، فناداه اللّه : أين أخوك هابيل ؟ قال : ما أدري، ما كنت عليه رقيباً، فقال اللّه عز وجل : إن صوت دم أخيك ليناديني من الأرض فلم قتلت أخاك ؟ فأين دمه إن كنت قتلته ؟ ومنع اللّه عز وجل على الأرض يومئذ أن تشرب دماً بعدها أبداً.
مقاتل بن الضحّاك عن ابن عباس قال : لما قتل قابيل هابيل وآدم بمكّة أشتال الشجر وتغيّرت الأطعمة وحمضت الفواكه : وأمرّ الماء واغبرّت الأرض.
فقال آدم ( عليه السلام ) : قد حدث في الأرض حدث فأتى الهند فإذا بقابيل قد قتل هابيل فأنشأ يقول، وهو أوّل من قال الشعر :
تغيرت البلاد ومن عليها
ووجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون وطعم
وقلّ بشاشة الوجه الصبيح
وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : من قال إن آدم قال شعراً فقد كذب على اللّه