" صفحة رقم ٦٤ "
وإن أمركم بالرجم فاحذروه ولا تقبلوا منه وأرسلوا الزانين معهم فقدم الرهط حتى نزلوا على قريظة والنضير. فقال لهم : إنكم جيران هذا الرجل ومعه في بلده، وقد حدث فينا حدث زنيا وقد أحصنا فيجب أن تسألوا لنا محمداً عن قضائه، فقال لهم بنو قريظة والنضير : إذاً واللّه يأمركم بما تكرهون من ذلك ثم إنطلق قوم منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسيد وسعد بن عمرو ومالك بن الصيف وكنانة بن أبي الحقيق وعباس بن قيس وأبو نافع وأبو يوسف وعازار وسلول إلى رسول اللّه ( ﷺ )، فقالوا : يا محمد أخبرنا عن الزاني والزانية إذا أحصنا ما حدّهما وكيف تجد في كتابك ؟ فقال لهم رسول اللّه ( ﷺ ) ( وهل ترضون قضائي في ذلك ؟ ).
قالوا : نعم، فنزل جبرئيل بالرجم فأخبرهم بذلك فأبوا أن يأخذوا به، فقال له جبرئيل : إجعل بينك وبينهم إبن صوريا ووصفه له، فقال النبي ( ﷺ ) ( هل تعرفون شاباً أمرد أبيض أعور يسكن فدك يقال له إبن صوريا ) قال : فأي رجل فيكم ؟
قالوا : هو أعلم يهودي بقي على ظهر الأرض بما أنزل اللّه تعالى على موسى في التوراة، قال : أرسلوا إليه، ففعلوا فأتاهم عبد اللّه بن صوريا، فقال له رسول اللّه ( ﷺ ) ( أنت إبن صوريا ؟ ) قال : نعم، قال :( فأنت أعلم اليهود ؟ )، قال : كذلك يزعمون، قال :( أتجعلونه بيني وبينكم ؟ ) قالوا : نعم قد رضينا به إذ رضيت به، فقال له رسول اللّه ( ﷺ ) ( فإني أنشدك باللّه الذي لا إله إلاّ هو القوي إله بني إسرائيل الذي أنزل التوراة على موسى الذي أخرجكم من مصر وفلق لكم البحر وأنجاكم وأغرق آل فرعون والذي ضلل الغمام فأنزل عليكم المنّ والسلوى وأنزل عليكم كتابه فيه حلاله وحرامه فهل تجدون في كتابكم الرجم على من أحصن ).
قال إبن صوريا : نعم والذي ذكّرني به لولا خشيت أن تحرقني التوراة إن كذبت أو غيّرت ما اعترفت لك ولكن كيف هو في كتابك يا محمد ؟ قال :( إذا شهد أربعة رهط عدول إنه قد أدخله فيهاكما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرجم ). قال إبن صوريا : والذي أنزل التوراة على موسى هكذا أنزل اللّه في التوراة على موسى فقال له رسول اللّه ( ﷺ ) ( فماذا كان أوّل ما ترخصتم به أمر اللّه ) ؟
قال : كنّا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا للضعيف أقمنا عليه الحد وكثر الزنا في أشرافنا حتى زنا إبن عم ملك لنا فلم نرجمه ثم زنا رجل آخر في أسوة من الناس فأراد ذلك الملك رجمه فقام دونه قومه، فقال : واللّه لا ترجمون حتى يرجم فلاناً إبن عم الملك. فقال : تعالوا نجتمع فلنضع شيئاً دون الرجم يكون مكان الرجم فيكون على الشريف والوضيع فوضعنا الجلد والتحميم وهو أن يجلد أربعين جلدة بحبل مطلي بالقار ثم يسوّد وجوههما ثم يحملان على حمارين فحوّل وجوههما من قبل دبر الحمار ويطاف بهما فجعلوا هذا مكان الرجم. قال اليهود لابن صوريا : ما أسرع ما أخبرته به وما كنت لما اتهمتنا عليك بأهل، ولكنّك


الصفحة التالية
Icon