" صفحة رقم ٧١ "
قالت الحكماء : هذا إذا ردّ بنص حكم اللّه عياناً عمداً، فأما من جهله أو أخفي عليه أو أخطأ في تأويل ابتدعه أو دليل اتّجه له فلا، وأجراها بعضهم على الظاهر.
وقال ابن مسعود، والسدّي : من ارتشى في الحكم وحكم فيه بغير حكم الله فهو كافر
المائدة :( ٤٥ ) وكتبنا عليهم فيها.....
) وكتبنا عليهم فيها ( أي وأوحينا في بني إسرائيل في التوراة ) أن النفس بالنفس ( يعني النفس القاتلة بالنفس المقتولة ( ظلماً ) ) والعين بالعين ( بقلعهما ) والأنف بالأنف ( يجدع به ) والأُذن بالأذن ( يقطع به أذنيه.
نافع : في جميع الفقهاء ( وقرأ ) الباقون ) والسّنّ بالسنّ ( يقلع به وسائر الجوارح قياس على العين والأنف والأذن ) والجروح قصاص ( وهذا مخصوص فيما يمكن القصاص فيه، فأما ما كان من هيضة لحم أو هيضة عظم ويعده ركن لا يحيط العلم به وقياس أو حكومة.
واختلف الفقهاء في هذه الآية، فقرأ الكسائي :) والعين ( رفعاً إلى آخره. واختار أبو عبيد لما روى ابن شهاب عن أنس أن رسول اللّه ( ﷺ ) قرأه ) وكتبنا عليهم فيها أنّ النفس بالنفس ( نصباً، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص، كله رفع.
وأما أبو جعفر وإبن كثير وإبن عامر وأبو عمرو فكانوا يرفعون الجروح وينصبون سائرها. وقتادة، أبو حاتم قالوا : لأن لهما نظائر في القرآن قوله ) إن اللّه بريء من المشركين ورسوله ( ) وإن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ( ) وإذا قيل إن وعد اللّه حق والساعة (.
وقرأ نافع وعاصم والأعمش وحمزة ويعقوب ( بالعطف ) كلها نصباً ودليلهم قوله تعالى :) إن النفس بالنفس ( وأن العين بالعين وأن الأنف بالأنف وأن الأذن بالأذن فإن الجروح قصاص.
) فمن تصدّق به ( إختلفوا في الهاء في قوله ( به )، فقال قوم : هي كناية عن المجروح وولي القتيل، ومعناه فمن تصدّق به فهو كفّارة له، للمتصدق يعدم عنه ذنوبه بقدر ما تصدّق.
وهو قول عبد اللّه بن عباس والحسن والشعبي وقتادة وجابر بن زيد، دليل هذا القول لحجة ما روى الشعبي عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول اللّه ( ﷺ ) ( من تصدّق عن جسده بشيء كفّر اللّه عنه بقدر ذلك من ذنوبه ).