" صفحة رقم ٩٤ "
اللات والعزى وما وضع أحد جنبي قبلك، فقال ركانة : عد فإن أنت صرعتني فلك عشرة أخرى ومن خيارها. فقام النبي ( عليه السلام ) ودعا كل واحد منهما إلهه كما فعلا أول مرّة فصرعه النبي ( ﷺ ) وجلس على كبده، فقال له ركانة : فلست أنت الذي فعلت فيّ هذا إنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذله اللات والعزى وما وضع جنبي أحد قبلك، فقال له ركانة : عد فإن أنت صرعتني فلك عشرة أخرى تختارها فأخذ مني اللّه ودعا كل واحد منهما إلهه فصرعه نبي اللّه الثالثة، فقال له ركانة : لست أنت الذي فعلت بي هذا إنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذله اللات والعزى فدونك ثلاثين شاة من غنمي فأخسرها.
فقال له النبي ( ﷺ ) لا أريد ذلك ولكن أدعوك إلى الإسلام وأركانه وأنفس بك أن تصير إلى النار، إنك إن تُسلم تسلم فقال له ركانة : ألا تريني آية، فقال له نبي اللّه ( عليه السلام ) اللّه شهيد عليك لئن أنا دعوت ربي عز وجل لهذا لتجيبني إلى ما دعوتك إليه ؟ قال : نعم، وقريب منهما شجرة ذات فروع وقضبان فأشار نبي اللّه ( عليه السلام )، فقال لها : أقبلي بإذن اللّه فانشقت إثنتين وأتت على نصف شقها وقضبانها وفروعها حتى كانت بين يدي النبي ( ﷺ ) وبين ركانة فقال له ركانة : أريتني عظيماً، فمرها فلترجع، فقال ( عليه السلام ) اللّه شهيد عليك لئن أنا دعوت ربي عز وجل فأمرها فرجعت لتجيبني إلى ما دعوتك إليه ؟
قال : نعم، فأمرها النبي ( عليه السلام ) فرجعت بقضبانها وفروعها حتى إلتأمت فلما قال النبي ( ﷺ ) أسلم تسلم، فقال له ركانة : فما لي ألاّ أكون أما أنا فقد رأيت عظيماً، ولكني أكره أن يتحدث فينا أهل المدينة وفتيانهم فيّ إنما أجيبك لرعب دخل قلبي منك، ولكن قد علمت في أهل المدينة وصبيانهم إنه لم يوضع جنبي قط ولم يدخل قلبي رعب ساعة قط ليلاً ولا نهاراً فلك دونك فاختر غنمك، فقال ( عليه السلام ) : ليس في حاجة إلى غنمك إذ أبيت أن تسلم، فانطلق رسول اللّه ( ﷺ ) راجعاً فأقبل أبو بكر وعمر يسألانه في بيت عائشة فأخبرتهما إنه قد توجه قِبَل وادي أضم وقد عرفا إنه وادي ركانة لا يخطيه، فخرجا في طلبه وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله، فجعلا يصعدان على كل شرفة ونظرا فإذا هما كذلك إذ نظر نبي اللّه ( عليه السلام ) مقبلاً، فقالا : يا نبي اللّه كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك وقد عرفت إنه جهة ركانة وإنه من أفتك الناس وأشدهم تكذيباً لك، فضحك إليهما النبي ( ﷺ ) وقال :( اليس اللّه يقول :) واللّه يعصمك من الناس ( إنه لم يكن يصل إليّ واللّه معي ) وأنشأ يحدثهما حديث ركانة والذي فعله به والذي أراه فعجبا من ذلك وقالا : يا رسول اللّه عرفت ركانة فلا والذي بعثك بالحق ما نعلم إنه وضع جنبيه إنسان قط، فقال ( عليه السلام ) :( إني دعوت ربي عز وجل فأعانني عليه، وإن ربي قال خذ عشرة لك وبقوة عشرة ).
( ) قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَىْءٍ حَتَّى تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُم