" صفحة رقم ١٤٩ "
فما اختلفوا في محمد حتى جاءهم المعلوم وهو كون محمد ( ﷺ ) نبياً لأنهم كانوا يعلمونه قبل خروجه.
) إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ( من الدين.
يونس :( ٩٤ ) فإن كنت في.....
) فإن كنت في شك ممّا أنزلنا إليك (، الآية، وقد أكثر العلماء في تفسير معنى الآية، قال مقاتل : قالت كفار مكة : إنما ألقى هذا الوحي على لسان محمد شيطان، فأنزل الله تعالى :) فإن كنت في شك ممّا أنزلنا إليك ( يعني القرآن.
) فسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك ( يخبرونك أنه مكتوب عندهم في التوراة رسولا نبياً.
وقيل : الخطاب للرسول ( ﷺ ) والمراد به غيره من الشاكّين به، كما ذهب العرب في خطابهم الرجل بالشيء ويريدون به غيره، كقوله تعالى :) يا أيها النبي اتق الله ( كأن الخطاب للنبي ( ﷺ ) والمراد به المؤمنون، ويدلّ عليه قوله تعالى :) إن الله كان بما تعملون خبيراً ( ولم يقل : تعمل.
قال المفسرون : كان الناس على عهد رسول الله ( ﷺ ) قالوا : آمنا بالله بلسانهم، ومنهم كافر مكذّب لا يرى إلاّ أن ما جاء به باطل، أو شاكّ في الأمر لا يدري كيف هو يقدّم رجلا ويؤخِّر أخرى، فخاطب الله هذا الصنف من الناس فقال :) إن كنت ( أيها الإنسان ) في شك مما أنزلنا إليك ( من الهدى على لسان محمد ( ( ﷺ ) ).
) فسأل ( الأكابر من علماء أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلاّم، وسلمان الفارسي، وتميم الداري وأشباههم فيشهدوا على صدقه، ولم يرد المعاندين منهم.
وقيل : إنْ بمعنى ( ما )، وتقديره : فما كنت في شك مما أنزلنا إليك، فاسألوا يا معاشر الناس أنتم دون النبي. كما قال :) وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ( بمعنى وما كان مكرهم.
وقيل : إنّ الله علم أن الرسول ( ﷺ ) لم يشكّ ولكنّه أراد أن يأخذ الرسول بقوله لا أشك ولا ( أماري ) إدامةً للحجة على الشاكّين من قومه كما يقول لعيسى :) أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ( وهو يعلم أنه لم يقل ذلك، بدليل قوله :) سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ ( إدامة للحجة على النصارى.
وقال الفرّاء : علم الله تعالى أن رسول الله ( ﷺ ) غير شاكّ، فقال له : فإن كنتَ في شكّ، وهذا كما تقول لغلامك الذي لا تشك في ملكك إياه : إن كنت عبدي فأطعني، أو تقول لابنك : إن كنت ابني فبرّني.