" صفحة رقم ٢١٠ "
سعيد بن جُبير : أطلق تكة سراويله، مُجاهد : حَلَ السراويل حَتّى بلغَ الثفن، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته.
الضحاك : جرى الشيطان فيما بينهما فضرب بيده إلى جيد يوسف، وباليد الأخرى إلى جيد المرأة حتّى جمع بينهما.
قال السَديّ وابن اسحاق : لمّا أرادت امرأة العزيز مُراودة يوسف عن نفسه جعلت تذكر لهُ محاسن نفسه وتُشوّقه إلى نفسها فقالت له : يا يوسف ما أحسن شعرك قال : هو أوّل ما ينتثر من جسدي، قالت : يا يوسف ما أحسنَ عينك قال : هي أوّل ما تسيلُ إلى الأرض من جسدي، قالت : ما أحسن وجهك قال : هو للتُراب يأكله، فلم تزل تُطيعه مرّة وتخيفه أُخرى وتدعوه إلى اللذّة، وهو شاب مستقبل بجد من شبق الشباب ما يجد الرجل، وهي حسناء جميلة حتى لانَ لها ممّا يرى من كلفها به ولما يتخوف منها حتى خليا في بعض البيوت وهمَّ بها، فهذه أقاويل المفسّرين من السلف الصالحين.
وقالت جماعة من المتأخرين : لا يليق هذا بالأنبياء ( :) فأوّلوا الآية بضروب من التأويل، وقال بعضهم : وهمَّ بالفرار منها، وهذا لا يصحّ لأنّ الفرار مذكور وليس له في الآية ذكر، وقيل : هَمَّ بضربها ودفعها، وقيل : هَمَّ بمخاصمتها ومرافعتها إلى زوجها، وقيل : وهَمَّ بها هو كناية عن غير مذكور، وقيل : تَمَّ الكلام عند قوله : ولقد همّت به ثمّ ابتدأ الخبر عن يوسف وقال : وهمَّ بها.
) لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهانَ رَبِّه ( : على التقديم والتأخير تقديرها : لولا أن رأى برهان ربّه لهمَّ بها ولكنّه رأى البرهان فلم يهمّ كقوله :) وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُم وَرَحمَتُهُ لاَتّبَعْتُمُ الشَّيْطانُ (
وهذا فاسدٌ عند أهلِ اللغة لأنّ العرب لا تُقدّم جواب ( لولا ) قبلها، لا يقول : لقد قمت لولا زيد، وهو يُريد، لولا زيد لقمتُ، جويبر عن الضحّاك عن ابن عباس قال : همّت بيوسف أن يفترشها وهمّ بها يوسف يعني تمنّاها أن تكون له زوجة.
وهذه التأويلات التي حكيناها كلها غير قوّية ولا مُرضية لمخالفتها أقوال القُدماء من العلماء الذين يؤخذ عنهم التأويل، وهم قد أخذوا عن الذين شهدوا التنزيل.
وكما روي في الخبر الصحيح أنّ يوسف لما دخل على الملك وأقرّت المرأة، وقال يوسف :) ذلِك لِيَعْلَمَ أَنّي لَمْ أَخُنْهُ بِالغَيْب ( قال له جبرئيل عليه السلام : ولا حين هَمَمت بها يا يوسف ؟ فقال يوسف عند ذلك ) وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إنّ النفسَ لأَمَّارةٌ بالسُّوءِ إلاّ ما رَحِمَ رَبِّي (.


الصفحة التالية
Icon