" صفحة رقم ٢٣٦ "
جدب وقحط، فأحبّ أن يرجع إليه، وإنِّما أراد أن يتّسع به أبوه، وقيل : رأى لو أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته مع حاجتهم إليه فردّه عليهم من حيث لا يعلمون تكرّماً وتفضّلا.
وقيل : فعل لأنّه علم أنّ ديانتهم وأمانتهم تحملهم على ردّ البضاعة ولا يستحلّون إمساكها فيرجعون لأجلها، وقيل : أبدا لهم كرمه في ردّ البضاعة وتقديم الضمان في البِرّ والإحسان ليكون أدعى لهم إلى العود إليه طمعاً في برّه.
يوسف :( ٦٣ ) فلما رجعوا إلى.....
) فَلَمّا رَجَعُوا إلى أبِيْهِمْ قالوا يا أبَانَا ( قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة، لو كان رجلا من ولد يعقوب ما أكرمنا كرامته، قال لهم يعقوب : إذا أتيتم ملك بمصر فاقرؤوه منّي السلام وقولوا له : إنّ أبانا يُصلّي عليك ويدعو لك بما أوليتنا، ثمّ قال : أين شمعون ؟ قالوا : إنّه عند ملك مصر وأخبروه بالقصّة، فقال : ولم أخبرتموه ؟ قالوا : إنّه أخذنا وقال : إنّكم جواسيس عندما كلّمناه بلسان العبرانيين، وقصّوا عليه القصّة.
) وَقَالُوا يا أَبَانَا مُنِعَ مِنّا الكَيْل فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخَانَا ( بنيامين ) نَكْتَلْ ( قرأ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي يكتل بالياء يعني يكتل لنفسه هو كما كنّا نكتل نحن، وقرأ الآخرون بالنون بمعنى نكتل نحن، واختاره أبو عبيد ) وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ قالَ ( يعقوب،
يوسف :( ٦٤ ) قال هل آمنكم.....
) هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إلاّ كَمَا آمَنْتُكُمْ عَلى أخِيْهِ ( يوسف ) من قَبْل فاللهُ خَيْرُ حَافِظاً ( قرأ ابن محصن ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي : حافظاً بالألف على التمييز والتفسير، كما يُقال : هو خيرٌ رجلا، ومجاز الآية خيركم حافظاً فحذف الكاف والميم، ويدلّ عليه أنّها مكتوبة في مصحف عبدالله : والله خيرُ الحافظين.
وقرأ الآخرون حفظاً بغير الألف على المصدر بمعنى خيركم حفظاً واختلفَ فيه عن عاصم ) وهو أرحم الراحمين ٢ )
يوسف :( ٦٥ ) ولما فتحوا متاعهم.....
) وَلَمّا فتحوا مَتاعَهُم ( الذي حملوه من مصر ) وجدوا بضاعَتهم ( ثمن الطعام ) رُدَّت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي ( أي ماذا نبغي ؟ وأي شيء نطلب وراء هذا ؟ أوفى لنا الكيل وردّ علينا الثمن، أرادوا بذلك أن يُطيّبوا نفس أبيهم، و ) ما ( استفهام في موضع نصب ويكون معناه جحداً كأنّهم قالوا : لسنا نُريد منك دراهم.
) هذهِ بِضَاعتنا رُدّت إلينا ونَمِيْرُ أهلنا ( ونشتري لهم الطعام فنحمله إليهم، يقال مار أهله يَمير مَيراً فهو ماير، إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلده في مثله امتار يمتار امتياراً، قال الشاعر :
بعثتك مائراً فمكثت حولا
متى يأتي غياثك من تغيثُ
وقال آخر :


الصفحة التالية
Icon