" صفحة رقم ٢٤١ "
قيل : فيه جوابان : أحدهما أنّه أضمر في نفسه أنّهم سرقوه من أبيه، والآخر أنّه من قول المنادي لا من أمر يوسف والله أعلم.
يوسف :( ٧٤ ) قالوا فما جزاؤه.....
) قالوا ( يعني المنادي وأصحابه، ) فَما جَزَاؤُهُ ( ثوابه قال الأخفش : إن شئت رددت الكناية إلى السارقين، وإن شئت رددتها إلى السَّرَق ) إنْ كنتم كاذبين ( في قولكم :( ما كنّا سارقين ).
يوسف :( ٧٥ ) قالوا جزاؤه من.....
قالوا :) جزاؤه من وجد في رَحْلِهِ ( أن يسلِّم سرقته إلى المسروق منه، ويسترقّ سنة، وكان ذلك سنّة آل يعقوب في حكم السارق ) كَذلِكَ نَجْزِي الظالمين ( الفاعلين ما ليس لهم فعله من أخذ مال غيره سرقاً، وأما وجه الكلام فقال الفرّاء من في معنى جزاؤه، ومن معناها الرفع بالهاء التي جاءت وجواب الجزاء الفاء في قوله ) فَهُوَ جَزَاؤُهُ ( ويكون قوله :) جزاؤه ( الثانية مرتفع بالمعنى المجمل في الجزاء وجوابه، ومثله في الكلام أن يقول : ماذا لي عندك ؟ فيقول : لك عندي أن بشّرتني فلك ألف درهم كأنّه قال : لك عندي هذا، وإن شئت الجزاء مرفوعاً بمن خاصّة وصلتها كأنّك قلت : جزاؤه الموجود في رحله، كأنّك قلت : ثوابه أن يسترق ( في المستأنف ) أيضاً فقال : فهو جزاؤه، وتلخيص هذه الأقاويل : جزاؤه جزاء الموجود في رحله، أو جزاؤه الموجود في رحله. تمّ الكلام.
وقال مبتدئاً فهو جزاؤه فقال الرسول عند ذلك : إنّه لابدّ من تفتيش أمتعتكم ولستم سارقين حتى أفتّشها فانصرف بهم إلى يوسف،
يوسف :( ٧٦ ) فبدأ بأوعيتهم قبل.....
) فبدأَ بِأَوْعِيَتَهُم ( لإزالة التهمة ) قَبْل وُعِاءَ أَخِيْه ( وكان فتّش أمتعتهم واحداً واحداً، قال قتادة : ذكر لنا أنّه كان لا يفتح متاعاً ولا ينظر في وعاء إلاّ استغفر الله تأثّماً ممّا قذفهم به، حتى إذا لم يبق إلاّ الغلام، قال : ما أظنّ هذا أخذ شيئاً، فقال أخوته : والله لا نتحرّك حتى تنظر في رحله، فإنّه أطيب من نفسك وأنفسنا، فلمّا فتحوا متاعه استخرجوه منه فذلك قوله تعالى :) واسْتَخْرَجَها مِن وِعَاءِ أخِيْهِ ( وإنّما أتت الكناية في قوله استخرجها والصواع مذكر، وقد قال الله تعالى :) ومن جاء به حِمْلُ بعير ( لأنّ ردّه إلى السقاية كقوله :) الذين يرثون الفردوس (، ثمّ قال :) هُمْ فِيْها خالِدُوْن ( ردّها إلى الجنّة وقوله :) وإذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُوا القُربى والَيْتامى والمَسَاكِيْن (، ثمّ قال :) فارْزُقُوْهُم مِنْه (، أي من الميراث.
وقيل : ردّ الكناية إلى السرقة.
وقيل : إنّما أنّثها لأنّ الصواع يُذكر ويُؤنّث فمن أنّثه قال : ثلاث أصوع مثل أدود ومن ذكّره قال : ثلاثة أصواع مثل ثلاثة أثواب