" صفحة رقم ٢٤٣ "
فكسّره وألقاه في الطريق، الكلبي : بعثته أُمّه حين أرادت أن ترتحل من حران مع يعقوب إلى فلسطين والأردن، أمرته أن يذهب فأخذ جونة فيها أوثان لأبنها ( أي ) ذهب فيأتيها بها لكي إذا فقدها أبوها أسلم، فانطلق فأخذها وجاء بها إلى أُمّه، فهذه سرقته التي يعنون.
وعن ابن جريح : كانت أُمّ يوسف أمرتة أن يسرق صنماً لخاله يعبده وكانت مسلمة، وروى أبو كريب عن أبي ادريس قال سمعت أبي قال : كان أولاد يعقوب على طعام ونظر يوسف إلى عرق فخبّأه فعيّروه بذلك، وأخبر عبدالله بن السدّي، عن أبيه عن مجاهد أنّ يوسف جاءه سائل إلى البيت فسرق ( جُبّة ) من البيت فناولها السائل فعيّروها بها، وقال سفيان بن عيينة : سرق يوسف دجاجة من الطير التي كانت في بيت يعقوب فأعطاها سائلا.
كعب : كان يوسف في المنزل وحده فأتاه سائل وكان في المنزل عتاق وهي الانثى من الجديّ، فدفعها إلى السائل من غير أمر أبيه. وهب : كان يُخبّئ الطعام من المائدة للفقراء.
هشام عن سعد بن زيد بن أسلم في هذه الآية قال : كان يوسف ( عليه السلام ) مع أُمّه عند خال له، قال : فدخل وهو صبي يلعب وأخذ تمثالا صغيراً من الذهب، فذلك تعيير اخوانه إيّاه. وروى ابن إسحاق عن مجاهد عن جويبر عن الضحّاك قال : كان أوّل ما دخل على يوسف من البلاء فيما بلغني أنّ عمّته بنت اسحاق وكانت أكبر أولاد إسحاق، وكانت لها منطقة إسحاق، وكانوا يتوارثوها بالكبر من أختانها ممّن وليها كان له سلماً لا ينازع فيه، يصنع فيه ما يشاء، وكانت راحيل أُمّ يوسف قد ماتت فحضنته عمّته وأحبّته حُبّاً شديداً، وكانت لا تصبر عنه.
فلمّا ترعرع وبلغ سنوات وقعت محبّة يعقوب عليه فأتاها يعقوب فقال : يا اختاه سلِّمي إليّ يوسف، فوالله ما أقدر على أن يغيب عنّي ساعة، فقالت : لا، فقال : والله ما أنا بتاركه.
قالت : فدعه عندي أيّاماً أنظر إليه لعلّ ذلك يُسلّيني عنه، ففعل، فلمّا خرج يعقوب من عندها عمدت إلى منطقة إسحق فحزمتها على يوسف تحت ثيابه وهو صغير ثمّ قالت : لقد فقدت منطقة إسحق فانظروا من أخذها فالتمسوها فلم توجد فقالت : اكشفوا أهل البيت، فكشفوهم فوجودها مع يوسف، فقالت : والله إنّه لسلم لي أصنع فيه ما شئت، فأتاها يعقوب فأخبرته الخبر فقال : إن كان فعل ذلك فهو سلم لك، ما أستطيع غير ذلك، فأمسكته، فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت، فهذا الذي قال أخوة يوسف : إن سرق فقد سرق أخ له من قبل، وهذا هو المثل السائر الذي يقال عُذره شرٌ من جرمه.
) فَأَسَرّها ( فأضمرها، ) يوسف في نفسه ولم يُبْدِها لَهُم ( وإنّما أنّث الكناية لأنّه عنى بها الكلمة والمقالة وهي قراءة.
) قال أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً ( أي شرُّ منزلا عند الله ممّن رميتموه بالسرقة في صنيعكم بيوسف ) والله أعلمُ بما تَصِفُون ( تقولون، قتادة : تكذبون.


الصفحة التالية
Icon