" صفحة رقم ٢٥٠ "
التي تدخلونها هي أطهر الأرضين، وأنّ الله قد طهّر بك السجن وما حوله يا أطهر الطاهرين وابن الصالحين ؟
قال : كيف لي بابن الصدّيقين وتعدّني من المخلصين، وقد أدخلت مدخل المُذنبين، وسمّيت باسم المفسدين ؟ قال : لأنّه لم يفتتن قلبك ولم تطع سيدتك في معصية ربّك فلذك سمّاك الله في الصدّيقين، وعدّك مع المخلصين وألحقك بآبائك الصالحين، قال : هل لك علم بيعقوب أيّها الروح الأمين ؟ قال : نعم وهب الله له البلاء الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم، قال : فما قدر حزنه ؟ قال : حزن سبعين ثكلى، قال : فماذا له من الأجر يا جبرئيل ؟ قال : أجر مائة شهيد، قال : أفتراني لاقيه ؟ قال : نعم، فطابت نفس يوسف، قال : ما أُبالي ما ألفيته أن رأيته.
وأمّا قوله بثّي فالبثّ : أشدّ الحزن سُمّي بذلك لأنّ صاحبه لا يصبر عليه حتى يبثّه أي يُظهره، يقال : بثّ، يبثّ فهو باثّ وأبثّ ( يأبثه أبثاً ) يُبثّ فهو مُبثّ إذا أظهره قال ذو الرمّة :
وقفتُ على ربع لميّة ناقتي
فما زلتُ أبكي عندهُ وأُخاطبه
وأسقيه حتى كاد ممّا أبُثّه
تكلّمني أحجاره وملاعبه
وقال الحسن : بثّي أي حاجتي، وقال محمّد بن القاسم الأنباري : البثّ : التفرق، وقال محمّد بن إسحاق : معناه : إنّما أشكو حزني الذي أنا فيه إلى الله، وهو من بثّ الحديث.
) وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تعْلَمون ( قال ابن عباس : يقول أعلم أنّ رؤيا يوسف صادقة وأني وأنتم سنسجد له، وقال آخرون : وأعلم أنّ يوسف حيّ.
قال السدّي : لما أخبره ولده بسيرة الملك وقوله أحسّت نفس يعقوب فطمع وقال : لعلّه يوسف، ويروى أنّه رأى الملك في المنام فسأله : هل قبضت روح يوسف ؟ قال : لا والله، وهو حيّ.
ويقال : أرسل الله إليه ذئباً فسلّم عليه وكلّمه، فقال له يعقوب : أكلت ابني وقّرة عيني وثمرة فؤادي ؟ قال : قد والله علمتَ يا يعقوب أنّ لحوم الأنبياء وأولاد الأنبياء علينا حرام، فلذلك قال لبنيه :
يوسف :( ٨٧ ) يا بني اذهبوا.....
) يا بَنيّ اذهَبوا فَتَحَسَّسُو من يوسفَ وأخيه ( ولا تيأسوا من روح الله سيروا واطلبوا الخبر، من يوسف وأخيه : وهو تفعّلوا من الحسّ يعني تتبّعوا، قال ابن عباس : إلتمسوا، ) ولا تيأسوا (، أي لا تقنطوا، من روح الله : من فرج الله، قال ابن زيد وقتادة، والضحّاك : من رحمة الله، ) فَإنّه لا يَيْأَس من رَوْحِ اللهِ إلاّ القوم الكافرون (.
يُقال : سُئل ابن عباس عن الفرق بين التجسّس والتحسّس فقال : لا يبعد أحدهما عن