" صفحة رقم ٢٥٢ "
) فأوفِ لنا الكيلَ ( أي أعطنا بها ما كنت تُعطينا من قبل بالثمن الجيّد الوافي ) وَتَصَدَّق علينا ( وتفضّل علينا بما بين الثمنين الجيّد والرديء. ولا تنقصنا من السعر، هذا قول أكثر المفسّرين، وقال ابن جريج والضحّاك : تصدّق علينا بردّ أخينا إلينا.
) إنّ اللهَ يجزي المُتَصَدِّقِيْنَ ( قال الضحّاك : لم يقولوا : إنّ الله يجزيك أن تصدّقت علينا لأنّهم لم يعلموا أنّه مؤمن، قال عبدالجبار بن العلاء : سُئِلَ سفيان بن عُيينة : هل حرمت الصدقة على أحد من الأنبياء سوى نبيّنا ( ﷺ ) قال سفيان : ألم تسمع قوله :) وأَوْفِ لنا الكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا ( أراد سفيان أنّ الصدقة كانت لهم حلالا وأنّها إنّما حُرّمت على نبيّنا ( ﷺ ) وروي أنّ الحسن البصري سمع رجلا يقول : اللهمّ تصدّق عليّ، فقال : يا هذا إنّ الله لا يتصدّق إنّما يتصدّق من يبغي الثواب، قل : اللهمّ أعطني أو تفضّل عليّ.
يوسف :( ٨٩ ) قال هل علمتم.....
) قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيْهِ ( اختلفوا في السبب الذي حمل يوسف على هذا القول، فقال ابن اسحاق : ذُكر لي أنّهم لمّا كلّموه بهذا الكلام غلبته نفسه وأدركته الرقّة فانفضّ دمعه باكياً ثمّ باح لهم بالذي كان يكتم فقال :) قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وأخِيْهِ إذْ أَنْتُم جاهِلُوْن (.
وقال الكلبي : إنّما قال ذلك حين حكى لإخوانه : أنّ مالك بن أذعر قال : إنّي وجدت غلاماً في بئر حاله كيت وكيت وابتعته من قوم بألف درهم فقال : أيّها الملك نحن بعنا ذلك الغلام منه، فغاظ يوسف ذلك وأمر بقتلهم فذهبوا بهم ليقتلوهم، فولّى يهوذا وهو يقول : كان يعقوب يحزن لفقد واحد منّا حتى كفّ بصره فكيف به إذاً لو قتل بنوه كّلهم، ثمّ قالوا : إن فعلت ذلك فابعث بأمتعتنا إلى أبينا وإنّه في مكان كذا وكذا، فذاك حين رحمهم وبكى وقال لهم ذلك القول.
وقال بعضهم : إنّما قال ذلك حين قرأ كتاب أبيه إليه وذلك أنّ يعقوب لما قيل له : إنّ ابنك سرق، كتب إليه : من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله، بن إبراهيم خليل الله أمّا بعد فإنّا أهلُ بيت مُوكَّل بنا البلاء، فأمّا جدّي فشدّت يداه ورجلاه وأُلقي في النار فجعلها الله عليه برداً وسلاماً، وأمّا أبي فشدّت يداه ورجلاه ووضع السكّين على قفاه، ليُقتل، ففداه الله، وأمّا أنا فكان لي ابن وكان أحبّ أولادي إليّ فذهب به إخوته إلى البريّة ثمّ أتوني بقميصه مُلطّخاً بالدم وقالوا : قد أكله الذئب وذهب (.......... ) ثمّ كان لي ابن وكان أخاه من أُمّة وكنت أتسّلى به، فذهبوا به ثمّ رجعوا وقالوا : إنّه سرق، وإنّك حبسته بذلك وإنّا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقاً، فإنْ ردَدته إليّ وإلاّ دعوت عليك دعوة تنزل بالسابع من ولدك، فلمّا قرأ يوسف الكتاب لم يتمالك البكاء وعيل صبره فقال لهم ذلك.


الصفحة التالية
Icon