" صفحة رقم ٣٥ "
وجدوا في كتاب الله عز وجل ما أمروا به ونهوا عنه، فقالوا : لن نسبق أحبارنا بشيء فما أمرونا بشيء ائتمرنا ومانُهينا عنه فانتهينا، الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.
وقال أهل المعاني : معناه اتخذوا أحبارهم ورهبانهم كالأذناب حيث أطاعوهم في كل شيء، كقوله : قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً أي كالنار، وقال عبد الله المبارك :
وهل بدّل الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها.
) وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إلَهاً وَاحِداً لا إلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ ( نزّه نفسه ) عَمَّا يُشْرِكُونَ ( القراءة بالياء وقرأ ابن أبي إسحاق بالتاء
التوبة :( ٣٢ ) يريدون أن يطفئوا.....
) يُرِيدُونَ أنْ يُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأفْوَاهِهِمْ ( أي يبطلوا دين الله بألسنتهم، بتكذيبهم إياه وإعراضهم عنه.
وقال الكلبي : يعني يردون القرآن بألسنتهم تكذيباً له، وقال ابن عباس : يريد اليهود والنصارى أن يلزموا توحيد الرحمن بالمخلوقين الذين لا تليق بهم الربوبية، وقال الضحاك : يريدون أن يهلك محمد وأصحابه ولايعبد الله بالاسلام.
) وَيَأبَى اللهُ إلاَّ أنْ يُتِمَّ نُورَهُ ( أي يُعلي دينه ويظهر كلمته ويتم الحق الذي بعث به رسوله ) وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ( وإنما أدخلت إلا لأن في أبت طرفاً من الجحد، ألا ترى أنّ قولك يثبت أن أفعل ولما فيه من الحذف تقديره : ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره، كما قال :
وهل لي أُمّ غيرها أن تركتها
أبى الله إلاّ أن أكون لها إبنا
هو الذي يعني يأبى إلاّ إتمام دينه
التوبة :( ٣٣ ) هو الذي أرسل.....
) هُوَ الَّذِي أرْسَلَ رَسُولَهُ ( يعني محمداً ( ﷺ ) ) بِالهُدَى ( قال ابن عباس : بالقرآن، وقيل : تبيان فرائضه على خلقه، ودين الحق وهو الإسلام.
) ويأبى الله إلا أن يتم نوره ( أي يُعلي دينه ويظهر كلمته ويتم الحق الذي بعث به رسوله ولو كره الكافرون ) لِيُظْهِرَهُ ( ليعليه وينصره ويظفره ) عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ( على سائر الملل كلها ) وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ (.
واختلف العلماء بمعنى هذه الآية، فقال ابن عباس : الهاء عائدة على الرسول ( ﷺ ) يعني ليعلمه شرائع الدين كلها فيظهره عليها حتى لايخفى عليه منها شيء، وقال الآخرون : الهاء راجعة إلى دين الحق.
قال أبو هريرة والضحاك : ذلك عند خروج عيسى ج إذا خرج اتبعه كل دين وتصير الملل كلها واحدة، فلا يبقى أهل دين إلا دخل في الإسلام أو أدى الجزية إلى المسلمين


الصفحة التالية
Icon