" صفحة رقم ٣٨ "
دين الله ) وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ( يعني ويأكلون أيضاً بالباطل الذين يكنزون الذهب والفضة.
سمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا الحسن المظفر بن محمد بن غالب الهمذاني يقول : سمعت إبراهيم بن محمد بن عرفة الايجي بن نفطويه يقول : سمّي ذهباً لأنه يذهب فلا يبقى، وسمّيت فضة لأنها تنفض أي تتفرق ولا تبقى، وحسبك الأسمان دلالة على فنائهما، والله أعلم فيها.
واختلف العلماء في معنى الكنز : فروى نافع عن ابن عمر قال : كل مال آتى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين، وكل مال لم يؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض.
ومثله قال ابن عباس والضحاك والسدّي، ويدلّ عليه ماروي عن ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : إذا أخرجت الصدقة من مالك فقد أذهبت شره وليس بكنز.
وقال سعيد بن المسيب : سأل عمر رجلاً عن أرض باعها فقال :( أحسن موضع هذا المال ؟ فقال : أين أضعه ؟ ) قال : أُحفر تحت فراش امرأتك. فقال : يا أمير المؤمنين أليس بكنز، قال : ما أدّى زكاته فليس بكنز.
وقال علي بن أبي طالب ح : كل مازاد على أربعة آلاف درهم فهو كنز، أدّيت منه الزكاة أم لم تؤدِّ، ومادونها نفقة.
وقال عن الوليد بن زيد : كل ما فضل من المال عن حاجة صاحبه إليه فهو كنز.
منصور عن عمر بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال لما نزلت هذه الآية ) وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ( قال النبي ( ﷺ ) ( تبّاً للذهب وتبّاً للفضة ) يقولها ثلاثاً : فشقّ ذلك على أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فقال المهاجرون : فأي المال نتّخذ ؟ فقال عمر : فإنّي أسال النبي ( ﷺ ) عن ذلك، قال : فأدركته فقلت : يارسول الله إن المهاجرين قالوا : أي المال نتّخذ ؟ فقال رسول الله ( ﷺ ) ( لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينه ) ( ١٠ ).
وأخبرنا عبد الله بن حامد الوزان أخبر طليحة بن عبدان، حدّثنا محمد بن يحيى، حدّثنا محمد بن عبدل، حدّثنا الأعمش عن ( المعرور ) بن سويد عن أبي ذر قال : أتيت رسول الله ( ﷺ ) وهو في قبال الكعبة فلمّا رآني قد أقبلت قال : هم الأخسرون وربّ الكعبة، هم الأخسرون وربّ الكعبة، هم الأخسرون وربّ الكعبة.
قال : فدخلني غمّ وما أقدر أن أتنفس قلت : هذا شيء حدث فيَّ، قلت : مَن هم فداك أبي وأمي ؟ قال : المكثرون إلا من مال بالمال في عباد الله هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن فوقه وبين يديه وعن (.......... ) كل صفراء وبيضاء أولى عليها صاحبها فهو كنز (.......... ) من ترك خير الشيء فهي له يوم القيامة.
وروى طلحة بن عبد الله بن كريز الخزاعي عن أبي الضيف عن أبي هريرة قال : من ترك عشرة آلاف درهم جعل صفائح يعذّب بها صاحبها يوم القيامة قبل القضاء، وعن سلمان بن ثروان قال : سمعت عمار بن ياسر يقول : إن أهل المائدة سألوا المائدة ثم نزلت فكفروا بها، وإن قوم صالح سألوا الناقة فلمّا أعطوها كفروا بها، وانكم قد نهيتم عن كنز الذهب والفضة فستكنزونها، فقال رجل نكنزها ( وقد سمعنا ) قوله ؟ قال : نعم، ويقتل عليه بعضكم بعضاً، وقال شعبة : كان فصّ سيف أبي هريرة من فضة فنهاه عنها أبو ذر، وقال : إنّ رسول الله ( ﷺ ) قال :( من ترك صفراء وبيضاء كوي بها ).
وروى قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي امامة صديّ بن عجلان قال : إن رجلا توفي من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار فقال النبي ( ﷺ ) ( كيّة ) ثم توفي رجل آخر فوجد في مئزره ديناران فقالج :( كيّتان ).
وأولى الأقاويل بالصواب القول الأول لأن الوعيد وارد في منع الزكاة لا في جمع المال


الصفحة التالية
Icon