" صفحة رقم ٤٥ "
متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب الذي بين جمادى وشعبان ).
أراد ( ﷺ ) أنّ الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء.
واختلفوا في أول من نسأ، فقال ابن عباس وقتادة والضحاك : أوّل من نسأ بنو مالك بن كنانة وكان ( يليه ) أبو ثمامة عبادة بن عوف بن أمية الكناني، كان يوافي الموسم كل عام على حمار فيقول : أيّها الناس إني أُحدّث ولا أخاف ولا مردّ لما أقول. إنّا قد حرمنا المحرم، وأخّرنا صفر، ثم يجيء العام المقبل فيقول : إنّا قد حرّمنا صفر وأخّرنا المحرم.
وقال الكلبي : أول من فعل ذلك رجل من كنانة يقال له : نعيم بن ثعلبة، وكان يكون قبل الناس بالموسم، وإذا همّ الناس بالصّدر قام فخطب الناس فقال : لا مردّ لما قضيت، أنا الذي لا أغاب ولا أخاب فيقول له المشركون : لبيك، ثم يسألهم أن ينسئهم شهراً يغيّرون فيه، فيقول : إن القتال العام حرام، وإذا قال ذلك حلّوا الأوتار وقرعوا الأسنّة والأزجّة، وإن قال : حلال عقدوا الأوتار وشددوا الأزجّة وأغاروا على الناس.
( وقيل بعد ) نعيم بن ثعلبة رجل يقال له : جنادة بن عوف وهو الذي أدركه رسول الله ( ( ﷺ ) ).
جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أوّل من نسأ النسيء عمرو بن لحي بن بلتعة بن خندف، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هو رجل من بني كنانة يقال له القملّس في الجاهلية، وكان أهل الجاهلية لايغير بعضهم على بعض في الأشهر الحرم، يلقي الرجل قاتل أبيه وأخيه فلا يتعرض له فيقول قائلهم : اخرجوا بنا فيقال له : هذا المحرم، فيقول القملّس : إني قد نسأته العام صفران، فإذا كان العام المقبل قضينا فجعلناهما محرمين، وقال (............. ) وقال الكميت :
ألسنا الناسئين على معدَ
شهور الحلّ نجعلها حراما
فهو النسيء الذي قال الله تعالى : إنما النسيء زيادة ) زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ يُضَلُّ ( قرأ أهل المدينة وعاصم وأبو عمرو يَضِل بفتح الياء وكسر الضاد، واختاره أبو حاتم لأنه ضمّ الضالون لقوله ) بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً ( وقرأ أبو رجاء والحسن وأبو عبد الرحمن وقتادة ومجاهد وابن محيصن : يضل مكسورة الضاد، ولها وجهان : أحدهما أن يكون ) الذين كفروا ( في محل النصب أي يضل الله به الذين كفروا


الصفحة التالية
Icon