" صفحة رقم ٧ "
فأتموا إليهم عهدهم إلى مدّتهم، وقال مقاتل : نزلت في ثلاثة أحياء من العرب : خزاعة وبني مذحج وبني خزيمة كان النبي ( ﷺ ) عاهدهم بالحديبية سنتين فجعل الله عز وجل أجلهم أربعة أشهر، ولم يعاهد النبي ( ﷺ ) بعد هذه الآية أحداً من الناس.
وقال الحسن : بعث الله محمداً ( ﷺ ) وأمره أن يدعو إلى التوحيد والطاعة، وفرض عليه الشرائع، وأمره بقتال من قاتله من المشركين، فقال :) قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ( وكان لا يقاتل إلاّ مَن قاتله، وكان كافّاً عن أهل العهد الذين كانوا يعاهدونه الثلاثة والأربعة الأشهر حتى ينظروا في أمرهم، فإما أن يسلموا وإما أن يؤذنوا بالحرب، ثم أمره بقتال المشركين والبراءة منهم وأجلهم أربعة أشهر على أن يسلموا أو يؤذنوا بالحرب، ولم يكن لأحد منهم أجل أكثر من أربعة أشهر، لا مَن كان له عهد قبل البراءة، ولا مَن لم يكن له عهد، وكان الأجل لجميعهم أربعة أشهر، وأحلّ دماء المشركين كلهم من أهل العهد وغيرهم بعد انقضاء الأجل.
قال عبد الرحمن بن زيد : نقض كل عهد كان أكثر من أربعة أشهر فردّه إلى الأربعة، وقال محمد بن إسحاق ومجاهد وغيرهما : نزلت في أهل مكة، وذلك أن رسول الله ( ﷺ ) عاهد قريشاً عام الحديبية على أن يضعوا الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس ويكفّ بعضهم عن بعض، فدخلت خزاعة في عهد محمد ( ﷺ ) ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وكان مع ذا عهود من رسول الله ( ﷺ ) ومن قبائل من العرب خصائص، فعدت بنو بكر على خزاعة ( فقتلوا رجلا ) منها ورفدتهم قريش بالسلاح فلما تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضوا عهودهم خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى وقف على رسول الله ( ﷺ ) فقال :
يارب إني ناشدٌ محمداً
حلف أبينا وأبيه إلا تلدا
كُنتَ لنا أباً وكنا ولداً
ثمّت أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر هداك الله نصراً ( عتدا )
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجرّدا
أبيض مثل الشمس ينمو صعدا
إن سيم خسفاً وجهه تربدا
في فيلق في البحر تجري مزبداً
إن قريشاً لموافوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا
وزعموا أن لست تدعو إحدا
وهم أذلّ وأقلّ عددا
هم ( وجدونا ) بالحطيم هُجّدا
وقتلونا رُكّعاً وسُجّداً
فقال رسول الله ( ﷺ ) ( أنصرف إن لم أنصركم ) فخرج وتجهز إلى مكة، وفتح الله مكة